×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

فهذه الوصية في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: «فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً» والبلاغة كما يقولون هي: مطابقة الكلام لمقتضى الحال، «ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ» بالبكاء خوفًا من هذه الفتن، «وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلوبُ» يعني: خافت منها القلوب، فقال قائل: «يَا رَسُولَ الله، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعِ»، يعني فهموا منها أنها في آخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، «فَأَوْصِنَا»، قال: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله» هذه واحدة.

«وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا»، ثم إذا ظهر الاختلاف بين الناس، «فَعَلَيْكُمْ بسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ» أي: من بعدي، «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله» تقوى الله كلمة جامعة؛ تجمع كل الخير، وقد أوصى الله سبحانه وتعالى بها الأولين والآخرين.

قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ وَصَّيۡنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ وَإِيَّاكُمۡ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ [النساء: 131].

فأوصى الأولين والآخرين أن يتقوا الله عز وجل، والتقوى: أن تتخذ وقاية بينك وبين المكروه ليقيك منه، ولا يقي من هذه الفتن التي تحدث إلا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم

«فَعَلَيْكُمْ بسُنَّتِي» يعني: الزموا، فكلمة «عَلَيْكُمْ» فعل أمر، أي: الزموا، كما قال جل وعلا: ﴿عَلَيۡكُمۡ أَنفُسَكُمۡۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهۡتَدَيۡتُمۡۚ [المائدة: 105]، أي: الزموا أنفسكم، فعليكم بتقوى الله، تقوى الله: هي فعل أوامره وترك نواهيه؛ طمعا في ثوابه وخوفًا من عقابه، وهي كلمة جامعة تجمع كل خصال الخير، عليكم بتقوى الله، هذه واحدة.


الشرح