×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

 فإنه يعض عليه بأسنانه، ولا يكتفي بإمساكه بيديه بل يعض عليه بأسنانه حتى لا ينفلت منه؛ لأنه يعلم إنه إذا انفلت منه غرق، وكذلك إذا لم تتبع ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه الراشدون تغرق في هذه الفتنة؛ لأنه طريق النجاة، وليس لك نجاة بغيره، «وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ».

ثم حذر صلى الله عليه وسلم مما يخالف سنة الرسول وسنة الخلفاء الراشدين، حذر من ذلك فقال: «وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ»، وهي البدع، المحدثات هي البدع التي تخالف سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، والبدع كثيرة والنبي صلى الله عليه وسلم وقرأ هذه الآية: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمۡ عَن سَبِيلِهِۦۚ [الأنعام: 153]، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم خط خطًا معتدلاً، وقال: «هَذَا سَبِيلِ الله»، وخط على جانبيه خطوطًا كثيرة، وقال: «هَذِهِ سُبُلٌ» وهي على جانبي الصراط، من تبعها ضل وضاع، من ترك الصراط المستقيم الذي هو الطريق الصحيح وقع في هذه السبل، ولا يتبين ما هو الحق منها، كل يقول: الحق معي وأنا كذا وكذا، فالرسول صلى الله عليه وسلم وضح لنا هذا إيضاحًا كاملاً فقال: «عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ» ([1]) كل سبيل من السُبل التي على جانبي الطريق المستقيم؛ عليه شيطان من شياطين الإنس والجن يدعون إليه، ويرغبون فيه، وربما يبذلون الأموال، والطمع يطمعون الناس، ولكنه طريق هلاك، «عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، هؤلاء هم دعاة الضلال الذين هم على سُبل الضلال، يدعون الناس إليها، فمن أطاعهم أهلكوه، «عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ»، هذا من باب التحذير منه صلى الله عليه وسلم، «فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا»


الشرح

([1])  أخرجه: الدارمي رقم (208)، وأحمد رقم (4142)، والطيالسي رقم (241).