وقد
قال الخليل عليه السلام لأبيه وقومه: ﴿وَإِذۡ قَالَ
إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦٓ إِنَّنِي بَرَآءٞ مِّمَّا تَعۡبُدُونَ
٢٦إِلَّا ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُۥ سَيَهۡدِينِ ٢٧﴾ [الزخرف: 26- 27]
﴿وَجَعَلَهَا
كَلِمَةَۢ بَاقِيَةٗ فِي عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [الزخرف: 28]
وهي: «لا إله إلاَّ الله».
وقد
عَبَّر عنها الخليل عليه السلام بمعناها الذي وُضعت له ودلت عليه، وهو البراءة من
الشرك، وإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له؛ كما تقدم تقريره.
وكذلك
مَن قالها ولم يَقْبَل ما دلت عليه من الإخلاص، كان قوله لهذه الكلمة كذبًا منه،
بل قد عَكَس مدلولها، فأثبت ما نفته من الشرك، ونفى ما أثبتته من الإخلاص.
فهذا
الذي ذكرناه هو حال الأكثرين من هذه الأمة بعد القرون الثلاثة.
وسبب
ذلك: الجهل بمعناها، واتباع الهوى، فيصرفه عن اتباع الحق وما بَعَث الله به رسله
من توحيده الذي شرعه لعباده ورضيه لهم.
**********
هذا معنى لا إله إلاَّ الله: فقوله:
﴿إِنَّنِي بَرَآءٞ مِّمَّا
تَعۡبُدُونَ﴾ هذا معنى النفي. وقوله: ﴿إِلَّا ٱلَّذِي
فَطَرَنِي فَإِنَّهُۥ سَيَهۡدِينِ﴾ هذا معنى الإثبات. ثم قال: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةَۢ
بَاقِيَةٗ﴾ أي: «لا إله
إلاَّ الله» التي هي مضمون هذا النفي وهذا الإثبات، ﴿بَاقِيَةٗ
فِي عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ أي: في ذرية إبراهيم، فلا
يَزال فيه مَن يعبد الله عز وجل حتى بُعِث النبي صلى الله عليه وسلم، فأعاد دين
إبراهيم ودين التوحيد، وأزال الشرك والوثنية، وهو النفي والإثبات.
وشروط «لا إله إلاَّ الله» سبعة، نَظَمها بعضهم في قوله:
علمٌ يقينٌ وإخلاصٌ وصِدقُك مَعْ **** محبة وانقياد
والقَبول لها