ولهذا لما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «قُولُوا: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، تُفْلِحُوا»، قالوا: ﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ
إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ﴾ [ص: 5] ([1]).
فمع أنهم يعترفون بتوحيد الربوبية، لكن أبَوا أن يعترفوا بتوحيد الألوهية،
الذي هو إفراد الله بالعبادة، ويقولون: نحن نعبد الله ونعبد معه غيره من الشفعاء
والوسطاء؛ ليقربوهم إلى الله زلفى، بزعمهم، اتخذوهم وسائط، وأبَوا أن يفردوا الله
عز وجل بالعبادة، ﴿وَقَالُواْ لَا
تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ﴾ [نوح: 23]. هذا في قوم نوح، والوتيرة واحدة من أول
الكفار إلى آخرهم ﴿وَقَالُواْ لَا
تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ﴾.
وكذلك عُبَّاد القبور اليوم، يقولون: لا تَذَرُنَّ الحسن
والحسين والبدوي، وغيرهم، هؤلاء لهم فضل ولهم مكانة، اذبحوا لهم، وانذروا لهم،
وطوفوا بقبورهم، وتبركوا بهم، لا تذروهم، لا تطيعوا هؤلاء الجفاة الذين يَدْعُون
إلى ترك عبادة القبور، ولا يعرفون حق الأولياء!!
القسم الثالث: توحيد الأسماء والصفات، بمعنى: أننا نُثْبِت لله
سبحانه وتعالى ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم - من
الأسماء والصفات. من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل. على حدِّ قوله
عز وجل: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ
شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].
فنُثْبِت لله الأسماء؛ كما قال عز وجل في آية سورة الأعراف: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ أَسۡمَٰٓئِهِۦۚ سَيُجۡزَوۡنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180].
([1]) أخرجه: أحمد رقم (16023)، وابن خزيمة (159)، وابن حبان رقم (6562)، والحاكم رقم (39).