كما لا تطلب من إنسان
مبتدئ بعلم العربية أن يقرأ كتاب سيبويه، لكن تأمره بقراءة «الآجرومية»، ومسائل مبسطة، يدخل بها على اللغة العربية والنحو، شيئًا
فشيئًا.
ولذلك أَلَّف العلماء المختصرات والمتوسطات والمُطَوَّلات؛ من أجل أن يتدرج
طالب العلم مع العلم شيئًا فشيئًا.
قال المصنِّف رحمه الله: «لكن هو
سبحانه أَحَقَّ ذلك على نفسه تفضلاً وإحسانًا على الموحِّدين المخلصين، الذين لن
يلتفتوا في إرادتهم ومهماتهم ورغباتهم ورهباتهم - إلى أحد سواه، ولم يتقربوا بما
يقولونه ويعملونه من الطاعات إلاَّ إليه وحده» هو سبحانه الذي أوجب ذلك على
نفسه ولم يوجبه عليه أحد، وجزاؤه للعباد على طاعاتهم وإدخالهم الجنة ذلك فضل منه
سبحانه وتعالى، وإنما الطاعات والعبادات سبب فقط، وليست ثمنًا للجنة.
ولو حوسب العباد على أعمالهم وأحصيت عليهم النعم، ما قابلت أعمالهم - مهما
بلغت - نِعَم الله سبحانه وتعالى، لكنه سبحانه يكرمهم ويدخلهم الجنة تفضلاً منه.
ولهذا يقول صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُدْخِلُهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ» فَقِيلَ: وَلاَ أَنْتَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «وَلاَ أَنَا، إلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي رَبِّي بِرَحْمَةٍ» ([1])؛ لأن عمل الإنسان مهما بلغ لا يقابل أقلَّ نعمة من نعم الله عليه.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2816).