وقال ﴿أَتُحَٰٓجُّوٓنِّي فِي ٱللَّهِ﴾ أي: أتخاصمونني في
الله عز وجل: ﴿وَقَدۡ هَدَىٰنِۚ﴾ دلَّني على التوحيد
ووفَّقني للتوحيد؟!
ثم قال خليل الله عليه السلام: ﴿وَلَآ
أَخَافُ مَا تُشۡرِكُونَ بِهِۦٓ﴾ [الأنعام: 80]، لا يخاف من هذه الأصنام لأنها ليست
بشيء، ولا تضر ولا تنفع؛ بل هي حجارة، وهم الذين يصنعونها على شكل صور ويعبدونها
من دون الله عز وجل، ﴿قَالَ أَتَعۡبُدُونَ
مَا تَنۡحِتُونَ ٩٥وَٱللَّهُ خَلَقَكُمۡ وَمَا تَعۡمَلُونَ ٩٦﴾ [الصافات: 95- 96]،
فهم يصنعونها ويعبدونها من دون الله عز وجل.
فكيف يخاف منها خليل الله عليه السلام ؟! وكيف يخاف منها أهل التوحيد وأهل
الإيمان؟!
أبدًا!! أهل التوحيد لا يخافون من غير الله عز وجل، لا من الأصنام ولا من
الموتى، ولا من الجن ولا من الشياطين! وإنما يخافون الله وحده سبحانه وتعالى.
وهذا هو الواجب على المسلم أن لا يخاف إلاَّ الله، ولا يخشى إلاَّ الله
سبحانه وتعالى، ولا يخاف من غيره خوف العبادة الذي معه ذلٌّ وخضوع وتَقَرُّب إلى
المخوف منه!!
وأما الخوف الطبيعي؛ مثل: الخوف من لقاء العدو، والخوف من الثعبان، والخوف
من السبع، فهذا ليس عبادة؛ لأنه ليس معه ذل ولا خضوع، إنما الممنوع خوف العبادة
الذي يكون معه ذل وخضوع وتَقَرُّب إلى المخوف منه لدفع شره؛ كالذبح له والنذر له
لدفع شره، هذا هو خوف العبادة الذي هو الشرك الأكبر.