وأما
المقتصد: فهو الذي عَمِل بما أوجب الله عليه، وتَرَك ما حَرَّم عليه فقط. وهذه حال
الأبرار.
وأما
السابق: فهو الذي حصل له كمال الإيمان باستفراغه وُسعه في طاعة الله علمًا وعملاً.
فهذان
لهما الأمن التام والاهتداء التام في الدنيا والآخرة. فالكل للكل، والحصة للحصة؛
لأن كمال الإيمان يمنع صاحبه من المعاصي وعقوباتها، فلم يَلْقَ ربه بذنب يُعاقَب
به؛ كما قال عز وجل: ﴿مَّا يَفۡعَلُ ٱللَّهُ
بِعَذَابِكُمۡ إِن شَكَرۡتُمۡ وَءَامَنتُمۡۚ﴾ [النساء: 147].
وهذا
الذي ذكرتُه في معنى هذه الآية هو ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وابن
القيم رحمه الله في معناها، وهو الذي دل عليه القرآن، وهو قول أهل السُّنة
والجماعة، خلافًا لأهل البدع من الخوارج والمعتزلة ونحوهم.
**********
قوله: «وقولُ الله تعالى»، «وقولُ»
بالرفع معطوف على «فضلُ التوحيد»،
ويجوز الجر، فيكون معطوفًا على «التوحيد»،
والتوحيد مجرور بالإضافة، فيكون: «فضل
التوحيد وما يُكَفِّر من الذنوب وقول الله تعالى»، أي: وباب قول الله عز وجل.
قوله عز وجل: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ
لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ﴾، الأمن: ضد الخوف.
وهذه الآية من جملة ما ذكره الله عز وجل عن إبراهيم عليه السلام، ومحاجته
لقومه؛ لأنهم حاجوه، ﴿وَحَآجَّهُۥ
قَوۡمُهُۥۚ﴾ [الأنعام: 80] خاصموه، لما دعا إلى توحيد الله عز وجل
وأنكر ما هم عليه من الشرك والوثنية، حاجوه وخاصموه وخوَّفوه من آلهتهم أن تصيبه،
فرَدَّ عليهم،