المميت المدبر. فتوحيد
الربوبية موجود في غالب البشر؛ لأن الفِطَر تقتضيه، ولأن العاقل من الناس يعلم أن
هذا الخلق لابد له من خالق، قال عز وجل: ﴿أَمۡ خُلِقُواْ
مِنۡ غَيۡرِ شَيۡءٍ أَمۡ هُمُ ٱلۡخَٰلِقُونَ ٣٥أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ
بَل لَّا يُوقِنُونَ ٣٦﴾ [الطور: 35- 36]، وقال: ﴿أَفَمَن
يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 17].
فهذه الآيات لم تطالب الناس بالإقرار بتوحيد الربوبية؛ لأنه موجود،
والإقرار به لا يكفي في الدخول في الإسلام؛ وإنما جاءت كلها على نَسَق واحد تأمر
بالعبادة، وإنما تَذكر توحيد الربوبية للاستدلال به على توحيد الألوهية.
الفائدة الثالثة: في قوله عز وجل: ﴿وَمَا
خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾ بيان أن الحكمة من
خلق الجن والإنس هي عبادة الله سبحانه وتعالى.
وفي قوله عز وجل: ﴿وَلَقَدۡ
بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ بيان أن الرسل كلهم
من أولهم إلى آخرهم جاءوا بالأمر بعبادة الله، وترك عبادة ما سواه.
فدل على أن التوحيد هو الذي بُعِثت به الرسل، كما أنه هو الذي خُلِق الخلق
من أجله.
الفائدة الرابعة: أن العبادة لا تنفع مع الشرك، فمَن أشرك بالله شيئًا
فإنه لم يؤدِّ حق الله سبحانه وتعالى.
فالذي لا يعبد الله مطلقًا كالملاحدة، وكذلك الذي يعبد الله مع الشرك، كلهم
سواء، الملحد والمشرك.