إنما الذي يَعبد الله حقًّا هو الذي يعبده ولا يشرك به شيئًا، هذا هو الذي
يعبد الله حق عبادته، وهو الذي تنفعه عبادته.
لما فَرَغ المؤلف رحمه الله من بيان التوحيد وتفسيره على ضوء الآيات
القرآنية والحديث النبوي، ذَكَر في هذا الباب فضل التوحيد.
والترتيب بين ذكر تعريف التوحيد أولاً، ثم ذِكر فضله - هذا من أبدع ما
يكون!! لأنه لما بدأ بذكر فضل التوحيد ولم يبينه ولم يفسره، ما حصل المقصود، فلابد
من بيان معنى الشيء أولاً، ثم بعد ذلك يذكر فضله.
فإذا أردت مثلاً أن تمدح الإسلام وتبين فضائل الإسلام، فلابد أن تبين
الإسلام أولاً ما هو الإسلام، ثم تذكر فضائله.
وهكذا إذا أردت أن تبين فضل التوحيد، فلابد أن تبين معناه أولاً، ثم تبين
فضله؛ لأنه لا فائدة لذكر فضائله بدون معرفة حقيقته.
ومن هنا ندرك خطأ كثير من الدعاة اليوم، أو من المؤلِّفين المعاصرين، الذين
يزعمون أنهم يكتبون عن الإسلام وعن الدعوة، ويمدحون الإسلام مدحًا كثيرًا، في
محاضراتهم وفي كتبهم.
وهذا حق، لكن ما هو الإسلام أولاً؟ لم يبينوا ما هو الإسلام، تقرأ الكتاب
من أوله إلى آخره، أو تستمع إلى المحاضرة من أولها إلى آخرها، وكلها مدح للإسلام
وثناء عليه وبيان لمزاياه، لكن لم يبين ما هو الإسلام.
وكل فرقة من الفرق الضالة والمنحرفة تفسر الإسلام بمذهبها ويُنَزِّلون هذا
المدح وهذا الثناء على مذهبهم.