قوله صلى الله عليه وسلم: «وَأَنَّ
عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» عيسى عليه السلام خلقه الله عز وجل من أُم
بلا والد؛ وذلك ليُظهِر للعباد قدرته سبحانه على كل شيء.
وقصة مريم عليها السلام ذكرها الله في القرآن، وأنها نشأت في بيت طيب وبيت
عبادة، وأن والدها تُوفِّي وهي صغيرة، وكفلها زكريا نبي الله صلى الله عليه وسلم؛
لأن خالتها كانت زوجة زكريا.
قال عز وجل: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰٓ
ءَادَمَ وَنُوحٗا وَءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ وَءَالَ عِمۡرَٰنَ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ ٣٣ذُرِّيَّةَۢ
بَعۡضُهَا مِنۢ بَعۡضٖۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٣٤إِذۡ قَالَتِ ٱمۡرَأَتُ عِمۡرَٰنَ
رَبِّ إِنِّي نَذَرۡتُ لَكَ مَا فِي بَطۡنِي مُحَرَّرٗا فَتَقَبَّلۡ مِنِّيٓۖ إِنَّكَ
أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ ٣٥﴾ يعني: أُم مريم، ﴿رَبِّ
إِنِّي نَذَرۡتُ لَكَ مَا فِي بَطۡنِي مُحَرَّرٗا فَتَقَبَّلۡ مِنِّيٓۖ إِنَّكَ
أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ﴾ [آل عمران: 33- 35]، نذرت حملها أن يكون خادمًا لبيت
المقدس، الذي هو أحد المساجد الثلاثة في الأرض، وكانت ترجو أن يكون ذَكَرًا؛ لأن
الذَّكَر هو الذي يستطيع القيام بهذه المهمة العظيمة.
﴿فَلَمَّا وَضَعَتۡهَا
قَالَتۡ رَبِّ إِنِّي وَضَعۡتُهَآ أُنثَىٰ وَٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِمَا وَضَعَتۡ﴾ [آل عمران: 36]؛
لأنها قالت هذا من باب الدعاء، لا من باب إخبار الله عز وجل أنها وضعتها. وقُرِئت
الآية: «والله أعلم بما وَضَعْتُ» هذا
لبيان أن الله سبحانه وتعالى عالم بكل شيء، وأنه لا يخفى عليه هذه المولودة، وليس
امرأة عمران تخبر ربها عز وجل، وإنما تدعوه.
﴿وَلَيۡسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلۡأُنثَىٰۖ﴾ [آل عمران: 36]،
بمعنى: أن الذَّكَر أفضل من الأنثى في القيام بالمهمات، فالذَّكَر يستطيع ما لا
تستطيعه الأنثى؛ لِما جعل الله في خِلقة الذَّكَر من الامتياز عن خِلقة الأنثى.
وهذا من حيث الجنس، لا من حيث الأفراد، فقد يكون في أفراد الإناث مَن هو خير من
كثير من الذكور. أما من حيث الجنس فالذكور أفضل من الإناث؛