×

فعيسى عليه السلام رُوح مخلوقة من الله عز وجل، والمخلوقات كلها منه سبحانه وتعالى؛ كما في قوله عز وجل: ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ [الجاثية: 13]، فهل المخلوقات كلها من الله -يعني أنها بعض من الله- ؟ الجواب: لا؛ لأن «مِن» هنا ليست تبعيضية، فهي تأتي على معانٍ، منها التبعيضية، ومنها الابتدائية... إلى آخره، وهذا معروف في اللغة. فقوله عز وجل: ﴿جَمِيعٗا مِّنۡهُۚ أي: خلقًا وإيجادًا. كذلك المسيح عليه السلام منه خلقًا وإيجادًا.

وفي هذا رَدٌّ على النصارى في غلوهم في المسيح، ودعواهم أنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة.

وقد حَذَّرنا النبي صلى الله عليه وسلم من أن نغلو في حقه كغلو النصارى، فقال: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ([1])، وقال عيسى عليه السلام لأتباعه: ﴿يَٰبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۖ إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ [المائدة: 72].

ثم انتقل المصنِّف رحمه الله إلى الرد على اليهود - قاتلهم الله - الذين جَفَوا في حق المسيح عليه السلام، ونسبوه إلى أنه ولد بَغِي.

والاعتدال أن نقول في المسيح ما قاله الله ورسوله، فقول: «هو عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وُروح منه»، هذه هي عقيدة أهل الحق من أتباع المسيح ومن المسلمين.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3445).