فهذا الذنب الذي هذا شأنه
لا يأمن أن يقع فيه، فلا يُرجى له معه نجاة إن لم يتب منه قبل الوفاة.
**********
هذا الباب في غاية المناسبة بعد الأبواب السابقة؛ لأنه إذا أتقن الإنسان
الأبواب السابقة، فعَرَف التوحيد، ثم عَرَف فضل التوحيد، ثم عَرَف تحقيق التوحيد؛
بَقِي عليه أن يخاف من ضد التوحيد وهو الشرك؛ لأن الإنسان لا يأمن على نفسه أن يقع
في الشرك، ولو كان من أعلم الناس وأقواهم إيمانًا؛ فإنه عرضة للابتلاء والامتحان.
فالذين يقولون الآن: إن الناس تثقفوا وعَرَفوا وتجاوزوا مرحلة السذاجة، فلا
يُخاف عليهم من الشرك؛ لأن الشرك وعبادة القبور والأضرحة هذه الأمور من السذاجة،
فلا داعي للتحذير منها؛ لأن الناس يعرفونها!!
نقول لهم: هذا من الغرور، أو التغرير بالناس؛ فإن الإنسان مهما بلغ من العلم
والإيمان والتقوى - لا يأمن على نفسه من الضلال ومن الزيغ والانحراف، والوقوع في
الشرك إما عن جهل وإما عن انحراف وزيغ وضلال، والعياذ بالله. وما دام الإنسان على
قيد الحياة فإنه عُرْضة للفتن.
فقوله: «الخوف من الشرك» «الخوف»: ضد الأمن، وهو توقع المكروه. و«الشرك»: هو عبادة غير الله عز وجل، بأن
يُصْرَف شيء من العبادة لغير الله؛ كأن يذبح للأصنام، أو للقبور، أو للأشجار أو
للأحجار، أو للجن، أو ينذر لهم، أو يخاف منهم، أو يعتقد فيهم أنهم ينفعون أو يضرون
من دون الله عز وجل.