وما
زال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يدعون إلى ما أَمَر الله به؛ من الدعوة إلى
توحيده في العبادة، والنهي عن الشرك به، ويجاهدون على ذلك.
والآيات
في الأمر بذلك كثيرة جدًّا؛ كقوله عز وجل: ﴿وَمَنۡ
أَحۡسَنُ دِينٗا مِّمَّنۡ أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٞ وَٱتَّبَعَ
مِلَّةَ إِبۡرَٰهِيمَ حَنِيفٗاۗ وَٱتَّخَذَ ٱللَّهُ إِبۡرَٰهِيمَ خَلِيلٗا﴾ [النساء: 125]،
وقوله: ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا
مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ
ٱلۡمُسۡلِمِينَ﴾ [فصلت: 33].
**********
قال المؤلف رحمه الله: «باب الدعاء إلى شهادة أَنْ لا إله إلاَّ
الله» هذا الباب مناسبته لما قبله ظاهرة جدًّا، فالأبواب التي قبله في معرفة
التوحيد، وبيان فضل مَن حقق التوحيد، ومعرفة الشرك والخوف منه.
فلما عَرَف المسلم هذه الأبواب حينئذٍ صار عنده علم في عقيدته يؤهِّله لأن
يدعو إلى توحيد الله عز وجل، وأن يُحَذِّر الناس من الشرك، ولا يسعه أن يقتصر
بعلمه على نفسه ويترك الناس على ما هم عليه.
فإنه يجب على مَن عَلِم علمًا أن يُبَلِّغه للناس وأن يدعو إليه، ولاسيما
علم التوحيد وما يضاده من الشرك والبدع والخرافات، فإن هذا العلم أنزله الله
للجميع، وأَمَر بتبليغه ونشره للناس، ونهى عن كتمانه؛ لِما في ذلك من الأضرار
العظيمة.
قال الله عز وجل: ﴿كُنتُمۡ
خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ
عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ
لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ﴾ [آل عمران: 110].