قوله: «ومن التوسل إليه: التوسل
بأسمائه وصفاته»؛ وذلك لقول الله عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ
ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ﴾ [الأعراف: 180].
فتقول: يا رحمن ارحمني، يا غفور اغفر لي، يا رزاق ارزقني، يا تواب تب
عليَّ... إلى آخره. فتتوسل إلى الله عز وجل بأسمائه وصفاته.
قال: «وغير ذلك من الأعمال الصالحة
الخالصة التي لم يَشُبها شرك، فالتوسل إلى الله هو بما يحبه ويرضاه»، وكذلك
التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة، فتتوسل إلى الله بطاعته وعبادته؛ كما توسل
أصحاب الغار لما انطبقت عليهم الصخرة، توسلوا إلى الله بأعمالهم الصالحة: هذا توسل
ببره بوالديه، وهذا توسل بأداء الأمانة، وهذا توسل إلى الله بالعفة وإحصان فَرْجه.
ففَرَّج الله لهم ([1]).
فالتوسل إلى الله بالأعمال الصالحة من الوسيلة النافعة.
قال: «لا بما يكرهه ويأباه من الشرك»
لا بأن تتخذ بينك وبين الله واسطة من المخلوقات تتوسط بينك وبينه. هذا تَنَقُّص
لله عز وجل وتشبيه له بملوك الدنيا، الذين لا يستجيبون إلاَّ بواسطة الوزراء
والشفعاء عندهم. أما الله عز وجل فإنه لا يُتوسط عنده بأحد، وإنما يُدْعَى
ويُطْلَب منه مباشرة.
والله سبحانه لم يَشْرَع لنا اتخاذ الوسائط من المخلوقات بيننا وبينه، فقال عز وجل منكرًا على من اتخذ الشفعاء: ﴿قُلۡ أَتُنَبُِّٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ﴾ [يونس: 18].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2215).