به من التوحيد، وتمسكوا
بالشرك، وقالوا لنوح: ﴿وَمَا نَرَىٰكَ ٱتَّبَعَكَ
إِلَّا ٱلَّذِينَ هُمۡ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ ٱلرَّأۡيِ﴾ [هود: 27]،
وقالوا لهود: ﴿مَا
جِئۡتَنَا بِبَيِّنَةٖ وَمَا نَحۡنُ بِتَارِكِيٓ ءَالِهَتِنَا عَن قَوۡلِكَ وَمَا
نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِينَ﴾ الآيات [هود: 53]، وقالوا لصالح: ﴿أَتَنۡهَىٰنَآ
أَن نَّعۡبُدَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكّٖ مِّمَّا
تَدۡعُونَآ إِلَيۡهِ مُرِيبٖ﴾ [هود: 62]، وقالوا لشعيب: ﴿أَصَلَوٰتُكَ
تَأۡمُرُكَ أَن نَّتۡرُكَ مَا يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَآ﴾ [هود: 87].
فتَدَبَّرْ
ما قص الله عز وجل في كتابه مما دعت إليه الرسل، وما أوقع بمن عصاهم؛ فإن الله عز
وجل أقام به الحجة على كل مشرك إلى يوم القيامة.
وأما
ما ورد في معنى الآية عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «ناسٌ من الجن كانوا
يُعْبَدون فأسلموا» ([1])، وفي رواية: «كان
ناس من الإنس يعبدون ناسًا من الجن، فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم» ([2]).
قلت:
وهذا لا يخالف ما تقدم؛ لأن هذه الآية حجَّة على كل من دعا مع الله وليًّا من
الأولين والآخِرين؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذه الآية: وهذه
الأقوال كلها حق؛ فإن الآية تعم مَن كان معبوده عابدًا لله، سواء كان من الملائكة،
أو من الجن، أو من البشر.
**********
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4715)، ومسلم رقم (3030).