فلا يمكن أن تكون هناك حكمة وموعظة وجدال بالتي هي أحسن - إلاَّ إذا اتصف
الداعية إلى الله بالعلم، فعَرَف الحق ودعا إليه، وعَرَف الباطل ونهى عنه.
ولأن كثيرًا من المشركين قديمًا وحديثًا يفسرون الشرك بأنه عبادة الأصنام
فقط. وأما دعاء الأولياء والصالحين والملائكة والرسل، فيقولون: هذا ليس من الشرك،
إنما هو توسل إلى الله، وطلب للشفاعة!!
فيفسرون الشرك بغير اسمه، ويفسرون التوحيد بتوحيد الربوبية، ويقولون: يكفي
أن تُقِر بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت، وتعتقد أنه لا أحد يشارك الله
في توحيد الربوبية!!
هذا هو التوحيد عندهم. وأما الشرك في الألوهية، ودعاء غير الله، والاستغاثة
بغير الله - فلا يسمونه شركًا، ولا يَدخل عندهم في التوحيد، وبَنَوا كتبهم على
هذا، فأي كتاب تقرأه من كتب العقائد عندهم؛ تجده يركِّز على توحيد الربوبية، ولا
يأتي ذكر لتوحيد الألوهية أبدًا.
وليس هذا هو المعنى الصحيح للتوحيد، فلو كان هذا هو التوحيد لصار المشركون
موحِّدين؛ لأنهم يُقِرون به، ولصارت دعوة الرسول لهم إلى التوحيد وقتاله لهم في
غير محله؛ لأنهم كانوا يُثبتون توحيد الربوبية.