وقد عمت البلوى بالجهل به
بعد القرون الثلاثة المفضلة، لما وقع الغلو في قبور أهل البيت وغيرهم، وبُنِيت
عليها المساجد، وبُنِيت لهم المَشاهد، فاتسع الأمر، وعظمت الفتنة في الشرك المنافي
للتوحيد، لما حدث الغلو في الأموات وتعظيمهم بالعبادة.
فبهذه
الأمور التي وقع فيها الأكثر، عاد المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والبدعة سُنة،
والسُّنة بدعة.
نشأ
على هذا الصغير، وهَرِم عليه الكبير، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ
الإِْسْلاَمُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ، الَّذِينَ
يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ([1])، وفي رواية:
«يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ» ([2]).
**********
قوله: «استنصحوا الرجال ونبذوا كتاب
الله وراء ظهورهم» يعني: أخذوا بأقوال الرجال، ولم يرجعوا إلى كتاب الله وسُنة
رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذا لا يجوز؛ لأن التوحيد والشرك، والعبادات والحلال، والحرام - تؤخذ من
كتاب الله ومن سُنة رسوله، فلا تؤخذ من العادات والتقاليد وما عليه الآباء
والأجداد.
فالذين يعاندون الرسل بما عليه آباؤهم وأجدادهم - إنما يتمردون على عبادة
الله سبحانه وتعالى.
وهذا يشمل كل مَن أخذ باجتهاد مجتهد من الفقهاء بدون معرفة دليل، لابد أنه يعرف المستند.
([1]) أخرجه: أحمد (16690)، والطبراني في «الكبير» رقم (5867).