×

ويُصَدِّق هذه المحبة بأن تكون كراهته لأبغض الأشياء إلى محبوبه - وهو الكفر - بمنزلة كراهته لإلقائه في النار أو أشد.

ولا ريب أن هذا من أعظم المحبة؛ فإن الإنسان لا يُقَدِّم على محبة نفسه شيئًا، فإذا قَدَّم محبة الإيمان بالله على نفسه، بحيث لو تخير بين الكفر وإلقائه في النار، لاختار أن يُلْقَى في النار ولا يَكفر، كان أحب إليه من نفسه.

وهذه المحبة هي فوق ما يجده العشاق من محبة محبوبهم، بل لا نظير لهذه المحبة؛ كما لا مثل لمن تعلقت به، وهي محبة تقتضي تقديم المحبوب فيها على النفس والمال والولد، وتقتضي كمال الذل والخضوع، والتعظيم والإجلال، والطاعة والانقياد ظاهرًا وباطنًا. وهذا لا نظير له في محبة مخلوق ولو كان المخلوق مَن كان.

ولهذا مَن أشرك بين الله وبين غيره في المحبة الخاصة كان شركًا لا يغفره الله؛ كما قال عز وجل: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ الآية.

والصحيح أن معنى الآية: أن الذين آمنوا أشد حبًّا لله من أصحاب الأنداد لأندادهم. كما تقدم أن محبة المؤمنين لربهم لا يماثلها محبة مخلوق أصلاً، كما لا يماثل محبوبهم غيره، وكل أذى في محبة غيره هو نعيم في محبته، وكل مكروه في محبة غيره فهو قرة عين محبته. انتهى.


الشرح