فالباب الذي قبله في دفع الضرر. وهذا الباب في جلب الخير والنفع. وأن ذلك
كله مرجعه إلى الله سبحانه وتعالى، فهو الذي ينفع ويضر، وأما غيره فلا ينفع ولا
يضر إلاَّ بأمره سبحانه وتعالى.
وقوله: «باب مَن تبرك»،
التبرك معناه: طلب البركة. والبركة هي ثبوت الخير والنفع ودوامه.
والتبرك إنما يكون بأسماء الله وصفاته سبحانه، وبالقرآن الكريم؛ لأن الله
جعله مباركًا وشفاءً للناس، وهو كلامه سبحانه وتعالى. وكذلك يُتبرك بأسمائه وصفاته
لأنها مباركة. فإذا قلت: «باسم الله»،
فمعناه: أتبرك باسم الله وأستعين باسم الله. هذا مشروع، ومنه ما جاء في دعاء
الاستفتاح: «تَبَارَكَ اسْمُكَ» ([1])، أي: البركة تُنال
بذكرك. وجاء أيضًا هذا مسندًا إلى الله عز وجل: ﴿تَبَارَكَ
ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ﴾ [الفرقان: 1]، وقال
عز وجل: ﴿تَبَٰرَكَ ٱلَّذِي
بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ﴾ [الملك: 1].
قوله: «بشجر أو حجر» أي: طلب البركة من حجر أو من شجر، أو اعتقد أنها سبب للبركة، وهي لم يجعلها الله أسبابًا لها؛ فقد أشرك بالله سبحانه وتعالى؛ لأن الحجر والشجر لا يَخلق البركة ولا يوجدها، ولا هو مُسبِّب في حصولها، وإنما الذي يوجدها هو الله سبحانه وتعالى، وهو مسبِّب الأسباب.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (399) موقوفًا على عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وأخرجه: مرفوعا: أبو داود رقم (775)، والترمذي رقم (242)، وابن ماجه رقم (804)، والدارمي رقم (1239).