قوله:
«لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ» يعني: أباه وأمه وإن عَلَوًا.
وفي
الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ
وَالِدَيْهِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ يَشْتِمُ الرَّجُلُ
وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ،
وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ» ([1]).
**********
قال: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ لَعَنَ وَالِدَيْهِ»؛ ذلك لأن الله عز وجل جعل
حق الوالدين بعد حقه، قال عز وجل: ﴿وَٱعۡبُدُواْ
ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا﴾ [النساء: 36]، وقال
عز وجل: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ
أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ﴾ [الإسراء: 23]،
وقال عز وجل: ﴿قُلۡ تَعَالَوۡاْ
أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَيۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ
وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗاۖ﴾ [الأنعام: 151]، وقال: ﴿وَإِذۡ قَالَ
لُقۡمَٰنُ لِٱبۡنِهِۦ وَهُوَ يَعِظُهُۥ يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ
لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ ١٣وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ
وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ
إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ ١٤﴾ [لقمان: 13- 14].
فدائمًا يأتي حق الوالدين بعد حق الله سبحانه وتعالى. وحقهما: البر،
والإحسان، ورد الجميل، والتواضع، وخفض الجناح لهما، وعدم إثارة ما يغضبهما بالكلام
أو بالفعل. قال عز وجل: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا
تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ إِمَّا يَبۡلُغَنَّ
عِندَكَ ٱلۡكِبَرَ أَحَدُهُمَآ أَوۡ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفّٖ وَلَا
تَنۡهَرۡهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوۡلٗا كَرِيمٗا ٢٣وَٱخۡفِضۡ لَهُمَا جَنَاحَ ٱلذُّلِّ
مِنَ ٱلرَّحۡمَةِ وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا ٢٤﴾ [الإسراء: 23- 24].
والعقوق من أكبر الكبائر ومن الموبقات، وطاعة الوالد تأتي بعد طاعة الله عز وجل لكن بالمعروف، فالوالد وغيره من المخلوقين لا يطاع
([1]) أخرجه: مسلم رقم (90).