قوله: ﴿وَنُسُكِي﴾: قال الثوري عن
السُّدِّي عن سعيد بن جُبَيْر: ﴿وَنُسُكِي﴾: ذبحي. وكذلك قال
الضَّحَّاك.
قوله:
﴿وَمَحۡيَايَ
وَمَمَاتِي﴾ أي: ما آتيه في حياتي، وما أموت عليه من الإيمان
والعمل الصالح ﴿لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ خالصًا لوجهه، ﴿لَا
شَرِيكَ لَهُۥۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرۡتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ﴾ أي: من هذه
الأمة. وهذا قول أئمة التفسير.
والمقصود:
أن هذه الآية دلت على أن أقوال العبد وأعماله الباطنة والظاهرة - لا يجوز أن
يُصْرَف منها شيء لغير الله كائنًا مَن كان. فمَن صَرَف منها شيئًا لغير الله، فقد
وقع فيما نفاه عز وجل من الشرك بقوله: ﴿وَمَآ أَنَا۠
مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ﴾ [الأنعام: 79].
والقرآن
كله في تقرير هذا التوحيد في عبادته وبيانه، ونفي الشرك والبراءة منه.
**********
هذا الباب - باب ما جاء في الذبح
لغير الله - هو من جملة الأبواب التي تَشرح معنى «لا إله إلاَّ الله»، والتي أشار إليها المؤلف رحمه الله لما ذكر
تفسير «لا إله إلاَّ الله»، فقال:
«وشَرْح هذه الترجمة: ما بعدها من الأبواب»،
ومِن جملتها هذا الباب، في أن معنى «لا
إله إلاَّ الله»: أنه لا يُذبح إلاَّ لله، وأن مَن ذبح لغيره فقد أشرك، وخالف
معنى «لا إله إلاَّ الله».
فهذا الباب كالأبواب التي قبله في بيان أنواع من الشرك التي يمارسها بعض
الناس في مختلف الأزمان، من عهد الجاهلية، ولا تزال مستمرة؛ وذلك من أجل أن يتميز
الخبيث من الطيب.