×

 وما كان مثله من الأمكنة فإنه يُعطَى حكمه؛ لأن المعصية صيرته محلًّا خبيثًا، وأثرت فيه بالنهي عن العبادة فيه.

ويُقابِل ذلك المساجد، وهي أشرف بقاع الأرض، قال عز وجل: ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ ٣٦رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ ٣٧ [النور: 36- 37].

فما أَحْسَنَ هذا القياسَ! ويأتي تقريره في الحديث في الباب إن شاء الله عز وجل.

**********

قوله: «وقول الله عز وجل: ﴿لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدٗاۚ» نهى عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في هذا المسجد - مسجد الضِّرار -.

وقصته: أن أبا عامر الفاسق كان قد قرأ الكتب السابقة في الجاهلية، وتَعَبَّد حتى صار يقال له: «أبو عامر الراهب»، وعَظَّمه الناس في الجاهلية لِما ظهر عليه من الدين.

فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، حسده وكفر به وأبغضه، وسماه النبي صلى الله عليه وسلم أبا عامر الفاسق لأنه خرج عن طاعة الله، وكفر برسوله صلى الله عليه وسلم.

ثم ذهب هذا الكافر إلى الشام يؤلب النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يَكتب إلى إخوانه الذين نافقوا ﴿يَعِدُهُمۡ وَيُمَنِّيهِمۡۖ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ إِلَّا غُرُورًا [النساء: 120]، فكانت مكاتباته ورسله تفد إليهم كل حين.

فبَنَوا هذا المسجد في الصورة الظاهرة، وباطنه دار حرب ومَقر لمن يفد من عند أبي عامر الفاسق - قبحه الله - ومَجْمَع لمن هو على طريقتهم من المنافقين.


الشرح