ولهذا قال عز وجل: ﴿وَإِرۡصَادٗا
لِّمَنۡ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ مِن قَبۡلُۚ﴾ [التوبة: 107]،
ولكنهم قالوا: بنيناه من أجل الضعيف والمريض والليلة المَطِيرة أو الليلة الشاتية،
وطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه، يريدون بذلك التغطية والخديعة.
قال عز وجل: ﴿وَلَيَحۡلِفُنَّ﴾ أي: الذين بنوه ﴿إِنۡ أَرَدۡنَآ إِلَّا ٱلۡحُسۡنَىٰۖ﴾ أي: إنما أردنا
ببنائه الخير.
فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا
على سفر، ولكن إذا رجعنا إن شاء الله».
فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك، ولم يَبْقَ على وصوله إلى المدينة
إلاَّ ليلة أو ليلتان؛ أتاه الوحي من السماء، قال الله عز وجل لرسوله صلى الله
عليه وسلم: ﴿لَا تَقُمۡ فِيهِ
أَبَدٗاۚ﴾ [التوبة: 108] فنهاه عن القيام فيه لئلا يقرر أمره،
وبَيَّن سبحانه مقاصدهم الخبيثة في هذا البناء.
فبَعَث النبي صلى الله عليه وسلم إلى مسجد الضِّرار مَن يهدمه ويحرقه قبل
قدومه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
فدل هذا على وجوب هدم كل مسجد يَثبت أنه ضِرار. والنهي عام عن كل مكان
اتُّخِذ للكفر والشرك بالله، فلا يجوز للمسلم أن يتعبد لله به وإن كانت نيته
صالحة؛ لأن هذا من وسائل الشرك، ولأن أهل الهوى يحتجون بهذا، ويقولون: صلى فيه
فلان! ويأتيه العالِم الفلاني! يحتجون بهذا ويُلَبِّسون على الناس.
فهذا يشمل كل مَن بَيَّت نية خبيثة وأظهرها بمظهر النية الطيبة؛ كمن يعمل
مشروعًا من المشاريع، يُظهر منه أنه لصالح المسلمين، وهو في