هذا وجه كون الاستعاذة بغير الله من الشرك؛ لأن الاستعاذة عبادة، وصَرْف
العبادة لغير الله شرك.
لماذا كانت عبادة؟
الجواب: لأن فيها طلب دفع الضرر الذي لا يقدر على دفعه إلاَّ الله، وطلبُ
ما لا يقدر عليه إلاَّ الله من غير الله شرك.
ولأن الله عز وجل أَمَر بالاستعاذة به دون غيره؛ كما في قوله عز وجل: ﴿وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ
نَزۡغٞ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف: 200]،
وقال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلۡ
أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلۡفَلَقِ﴾ [الفلق: 1]، وقال عز وجل: ﴿قُلۡ أَعُوذُ
بِرَبِّ ٱلنَّاسِ﴾ [الناس: 1]، وقال عز وجل: ﴿فَإِذَا
قَرَأۡتَ ٱلۡقُرۡءَانَ فَٱسۡتَعِذۡ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيۡطَٰنِ ٱلرَّجِيمِ﴾ [النحل: 98].
كما أنه سبحانه بَيَّن أن الاستعاذة بغيره من الشرك، وذلك في سورة الجن: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ
مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا﴾ [الجن: 6]، وفي
سورة الأنعام: ﴿وَيَوۡمَ
يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ
وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ
وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ
خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ﴾ [الأنعام: 128].
ففي هذه الآيات وأمثالها ما يُبيِّن أن الله أَمَر بالاستعاذة به وحده،
ومَنَع من الاستعاذة بغيره. فدل على أن الاستعاذة عبادة، لا يجوز أن تُصرف لغير
الله سبحانه وتعالى.