كما في قوله عز وجل في سورة الجن: ﴿قُلۡ أُوحِيَ
إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسۡتَمَعَ نَفَرٞ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَقَالُوٓاْ إِنَّا سَمِعۡنَا قُرۡءَانًا
عَجَبٗا ١يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فََٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ
أَحَدٗا ٢وَأَنَّهُۥ تَعَٰلَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَٰحِبَةٗ وَلَا وَلَدٗا
٣وَأَنَّهُۥ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطٗا ٤وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن
لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا ٥وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٞ
مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقٗا ٦﴾ [الجن: 1- 6].
وهذا من باب الاستنكار على هؤلاء الإنس الذين يستعيذون بالجن، أنكروا عليهم
هذا، وأنكروا على الجن أنهم يَرْضَون بهذه الاستعاذة.
فدل على أن الاستعاذة لا تجوز إلاَّ بالله عز وجل، وأنها عبادة لله عز وجل.
وفي هذه الآية فرجٌ وتسلية من الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم،
وأن الله يُقيِّض له مَن يتبعه ويؤمن به؛ لأنه صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الإنس
والجن.
قوله: ﴿وَأَنَّهُۥ كَانَ
رِجَالٞ مِّنَ ٱلۡإِنسِ﴾ أي: من بني آدم.
قوله: ﴿يَعُوذُونَ
بِرِجَالٖ مِّنَ ٱلۡجِنِّ﴾ الجن: عالَم من عالَم الغيب، يعيشون معنا في هذه الأرض،
وهم مكلفون، مأمورون بطاعة الله، ومنهيون عن معصية الله؛ مثل الإنس، لكننا لا
نراهم.
قال عز وجل: ﴿إِنَّهُۥ
يَرَىٰكُمۡ﴾ يعني: إبليس ﴿هُوَ
وَقَبِيلُهُۥ﴾ يعني: جماعته من الجن ﴿مِنۡ
حَيۡثُ لَا تَرَوۡنَهُمۡۗ﴾ [الأعراف: 27]، فهم يروننا ونحن لا نراهم.
وقد يتصورون بصور متشكلة، فيتصورون بصور حيات، أو بصور حيوانات، أو بصور
آدميين؛ لأن الله عز وجل أعطاهم القدرة على ذلك.