وهم عالَم مخلوق من نار،
والإنس خُلِقوا من الطين؛ كما قال عز وجل: ﴿خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ
مِن صَلۡصَٰلٖ كَٱلۡفَخَّارِ ١٤وَخَلَقَ ٱلۡجَآنَّ مِن مَّارِجٖ مِّن نَّارٖ ١٥﴾ [الرحمن: 14- 15].
﴿مِن صَلۡصَٰلٖ﴾: يعني: من الطين.
و﴿ٱلۡجَآنَّ﴾: جمع جِنِّي، سُموا
بالجن لاجتنانهم، أي: لاستتارهم عن الأنظار. ومنه سُمِّي الجَنين في بطن أمه لأنه
لا يُرى، فهو مجتن في بطن أمه. ومنه المِجَن الذي يُتخذ في الحرب يتوقَّى به
المقاتل سهام العدو؛ سُمي مِجَنًّا لأنه يُجِنه من السهام. ومنه قوله صلى الله
عليه وسلم: «الصَّوْمُ جُنَّةٌ» ([1])، بمعنى: أنه ساتر
بين العبد وبين المعاصي، يستتر به من المعاصي ومن كيد الشيطان. ومنه قوله عز وجل: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيۡهِ ٱلَّيۡلُ
رَءَا كَوۡكَبٗاۖ﴾ [الأنعام: 76]، ﴿جَنَّ
عَلَيۡهِ ٱلَّيۡلُ﴾ يعني: غطَّاه ظلام الليل.
فالحاصل: أن الجن عالَم خفي، لا نراهم، وهم يعيشون معنا، وهم مكلفون كما كُلِّفنا
بالأوامر والنواهي.
والإيمان بوجودهم من الإيمان بالقلب؛ تصديقًا لخبر الله سبحانه وتعالى،
وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، فوجود الجن ثابت بالكتاب والسنة والإجماع.
ومَن جَحَد وجود الجن فهو كافر؛ لأنه مكذِّب لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولإجماع المسلمين!! وهل كل ما لا يراه الإنسان يُنْكَر؟!!
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2616)، والنَّسَائي رقم (2224)، وابن ماجه رقم (3973)، وأحمد رقم (8059)