لِجَزَاءِ المُوَحِّدِينَ الَّذِينَ أَخْلَصُوا
العِبَادَةَ لِلَّهِ عز وجل في الدُّنيا والآخِرَةِ، وَبَيَانٌ لِجَزَاءِ
المُشْرِكِينَ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنِ التَّوْحِيدِ، وَمَا حَلَّ بِهِ مِنَ العُقُوبَاتِ
في الدُّنيا، وَمَا يَنْتَظِرُهُمْ في الآخِرَةِ، وَإِمَّا إِخْبَارٌ عَنِ
المُوَحِّدِينَ مِنَ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِم، أَوْ إِخْبَارٌ عَنِ
المُكَذِّبِينَ مِنَ المُشْرِكِينَ وَأَتْبَاعِهِم مِنَ الأُمَمِ السَّابِقَةُ
كَقَوْمِ نُوحٍ، وَقَوْمِ هُودٍ، وَقَوْمِ صَالِحٍ، وَقَوْمِ شُعَيْبٍ، وَقَوْمِ
إِبْرَاهِيمَ، وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ والمُؤْتَفِكَات وَغَيْرِهِم مِنَ الأُمَمِ،
لَمَّا أَعْرَضُوا عَنِ التَّوْحِيدِ وَعَصَوُا الرُّسُلَ مَاذَا حَلَّ بِهِم؟
وَإِمَّا بَيَانٌ لِلحَلاَلِ والحَرَامِ، وَهَذَا من حُقُوقِ التَّوْحِيدِ،
فَكَوْنُ الإِنْسَانِ يُحِلُّ الحَلاَلَ وَيَكْتَسِبُ الحَلاَلُ وَيَسْتَعْمِلُ
الحَلاَلَ، وَيُحَرِّمُ الحَرَامَ وَيَبْتَعِدُ عَنِ الحَرَامِ وَعَنْ كَسْبِ
الحَرَامِ، هَذَا من حُقُوقِ التَّوْحِيدِ أَيْضًا.
فالقُرْآنُ
كُلُّهُ تَوْحِيدٌ؛ لأِنَّهُ إِمَّا لِبَيَانِ التَّوْحِيدِ، وَبَيَانِ
مُنَاقَضَاتِهِ وَمُنْقِصَاتِهِ، وَإِمَّا إِخْبَارٌ عَنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ
وَمَا أَكْرَمَهُم اللَّهُ بِهِ، أَوْ إِخْبَارٌ عَنِ المُشْرِكِينَ، وَمَا
انْتَقَمَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُم بِهِ في الدُّنيا، وَمَا أَعَدَّ لَهُم في
الآخِرَةِ.
وَإِمَّا
أَحْكَامٌ وَبَيَانٌ لِلحَلاَلِ والحَرَامِ، وَهَذَا من حُقُوقِ التَّوْحِيدِ،
فالقُرْآنُ كُلُّهُ في التَّوْحِيدِ وَحُقُوقِهِ وَمُفْسِدَاتِهِ وَمُبْطِلاَتِهِ،
فالقُرْآنُ كُلُّهُ يَدُورُ حَوْلَ التَّوْحِيدِ.
تَهَاوُنُ بَعْضِ الدُّعَاةِ في شَأْنِ التَّوْحِيدِ
****
إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ اليَوْمَ من جَهَلَةِ الدُّعَاةِ، وَأَقُولُهَا بِأَسَفٍ لأَِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لِلدَّعْوَةِ من كَانَ جَاهِلاً، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ في مَجَالِ الدَّعْوَةِ إلاَّ من كَانَ عَالِمًا مُسَلَّحًا بالعِلْمِ، لَكِنْ هُنَاكَ من جَهَلَةِ الدُّعَاةِ من يُهَوِّنُونَ من