×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

 المُحَاضَرَةُ الحَادِيَةُ والثَّلاَثُونَ

 شَيْخُ الإِسْلاَمِ ابْنُ تيمِيه ودَوْرُهُ في التَّجْدِيدِ

****

مُقَدِّمَةٌ

****

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ في كُلِّ زَمَانٍ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ بَقَايَا من أَهْلِ العِلْمِ يَدْعُونَ مَن ضَلَّ إِلَى الهُدَى، ويَصْبِرُونَ مِنْهُم عَلَى الأَذَى، يُحْيُونَ بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل المَوْتَى، ويُبْصِرُونَ بِنُورِ اللَّهِ أَهْلِ العَمَى، فَكَم من قَتِيلٍ لِإِبْلِيسَ قَدْ أَحْيَوْهُ، وكَم من ضَالٍّ تَائِهٍ قَدْ هَدَوْهُ.

فَمَا أَحْسَنَ أَثَرُهُم عَلَى النَّاسِ وأَقْبَحَ أَثَرِ النَّاسِ عَلَيْهِم، يَنْفُونَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَحْرِيفِ الغَالِينَ، وانْتِحَالِ المُبْطِلِينَ، وتَأْوِيلِ الجَاهِلِينَ الَّذِينَ عَقَدُوا أَلْوِيَةَ البِدْعَةِ وأَطْلَقُوا عَنَانَ الفِتْنَةِ، فَهُم مُخْتَلِفُونَ في الكِتَابِ، ويُخْدَعُونَ جُهَّالَ النَّاسِ بِمَا يُشْبِهُونَ عَلَيْهِم، فَنَعَوذُ بِاللَّهِ من فِتَنِ المُضِلِّينَ وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ وبَعْدُ:

فَمِنَ المَعْلُومِ أَنَّهُ كُلَّمَا تَأَخَّرَ الزَّمَانُ وبَعُدَ النَّاسُ عَنْ آثَارِ الرِّسَالَةِ حَدَثَتِ البِدَعُ والخُرَافَاتُ، وفَشَا الجَهْلُ، واشْتَدَّتْ غُرْبَةُ الدِّينِ، وظَنَّ النَّاسُ أَنَّ مَا وجدوا عَلَيْهِ أبَاءَهُم هُوَ الدِّينُ وإِنْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهُ، ولَكِنِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لا يُخْلِي الأَرْضَ عَمَّنْ هُم عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ لا يَضُرُّهُم مَنْ خَذَلَهُم ولا مَنْ خَالَفَهُم حَتَّى يَأْتِيَ أمرُ اللَّهِ تَعَالَى، وأَخْبَرَ صلى الله عليه وسلم في الحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وصَحَّحَهُ الحَاكِمُ وغَيْرُهُ حَيْثُ قَالَ: «إِنَّ


الشرح