المُحَاضَرَةُ العِشْرُونَ
إِصْلاَحُ ذَاتِ البَيْنِ
****
المُرَادُ بِإِصْلاَحِ ذَاتِ البَيْنِ وبَيَانُ أَهَمِّيَّتِهِ
****
الحَمْدُ
لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، والصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عَلَى أَشْرَفِ
المُرْسَلِينَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وعَلَى آلِهِ وأَصْحَابِهِ إِلَى يَوْمِ
الدِّينِ.
أَمَّا
بَعْدُ:
فَإِنَّ
المَوْضُوعَ الَّذِي سَنَتَحَدَّثُ عَنْهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - هُوَ «إِصْلاَحُ ذَاتِ البَيْنِ» وهُوَ
مَوْضُوعٌ لا شَكَّ أَنَّهُ مُهِمٌّ جِدًّا؛ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ
الآثَارِ الحَمِيدَةِ والعَوَاقِبِ الحَسَنَةِ، والإِصْلاَحُ ضِدُّ الإِفْسَادِ،
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱللَّهُ
يَعۡلَمُ ٱلۡمُفۡسِدَ مِنَ ٱلۡمُصۡلِحِۚ﴾
[البقرة: 220].
فالإِصْلاَحُ
ضِدُّ الإِفْسَادِ، أَمَّا ذَاتُ البَيْنِ فالمُرَادُ بالبَيْنِ الفُرْقَةُ، أَيْ:
الفُرْقَةُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ المُسْلِمِينَ بَعْضُهُم مَعَ بَعْضٍ؛ لأَِنَّ
المَطْلُوبَ أَنْ يَكُونَ المُسْلِمُونَ أُمَّةً واحِدَةً، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ هَٰذِهِۦٓ
أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92] وكَمَا شَبَّهَ النَّبِيُّ صلى الله
عليه وسلم هَذِهِ الأُمَّةَ بـ«الجَسَدِ
الوَاحِدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ
بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، وشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ صلى الله عليه وسلم
فَأَيُّ اخْتِلاَفٍ، وأَيُّ فُرْقَةٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أو بَيْنَ جَمَاعَةٍ
وجَمَاعَةٍ من هَذِهِ الأُمَّةِ فَإِنَّهُ سَيُؤَثِّرُ عَلَيْهَا أَثَرًا
سَيِّئًا، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ﴾ [الأنفال: 46].
فَإِصْلاَحُ ذَاتِ البَيْنِ مَعْنَاهُ لَمُّ الشَّمْلِ، وجَمْعُ الكَلِمَةِ، والتَّقْرِيبُ بَيْنَ قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ بَعْضِهِم مَعَ بَعْضٍ؛ حَتَّى يَكُونُوا عِبَادًا لِلَّهِ إِخْوَانًا
الصفحة 1 / 357