×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

 المُحَاضَرَةُ الثَّانِيَةُ والعِشْرُونَ

الدِّينُ والأَخْلاَقُ مَسْؤُولِيَّةُ الجَمِيعِ

****

مُقَدِّمَةٌ

****

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، والعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ، ولا عُدْوَانَ إلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ، ونَدْعُو اللَّهَ أَنْ يَشْمَلَنَا بِرَحْمَتِهِ، وأَنْ يَرْزُقَنَا مِنْهُ عِلْمًا، وأَنْ يَنْفَعَنَا بِمَا عَلَّمَنَا: ﴿وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا [طه: 114]، ﴿سُبۡحَٰنَكَ لَا عِلۡمَ لَنَآ إِلَّا مَا عَلَّمۡتَنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ [البقرة: 32].

أَمَّا بَعْدُ:

فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ، لا شَكَّ أَنَّ كُلَّ عَاقِلٍ مُكَلَّفٍ، عَلَيْهِ مَسْؤُولِيَّةٌ حَمَّلَهُ اللَّهُ إِيَّاهَا، ويَجِبُ عَلَيْهِ رِعَايَتَهَا، والقِيَامَ بِهَا، ويَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّفْرِيطُ فِيهَا والإِخْلاَلُ بِهَا؛ لأَِنَّ الإِنْسَانَ لَم يُخْلَقْ عَبَثًا، ولَنْ يُتْرَكَ سُدًى، بَلْ خَلقَهُ اللَّهُ تعالى لِعِبَادَتِهِ، وسَخَّرَ لَهُ مَا في السَّمَوَاتِ والأَرْضِ، وحَمَّلَهُ أَمَانَةً امْتَنَعَتْ من حَمْلِهَا السَّمَوَاتُ والأَرْضُ والجِبَالُ، بَلْ وأَشْفَقْنَ مِنْهَا ﴿إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا [الأحزاب: 72].

فالأَمَانَةُ قَدْ عَرَضَهَا اللَّهُ عَلَى السَّمَوَاتِ والأَرْضِ عَرْضَ تَخْيِيرٍ، أَيْ: إِنْ قَامَتْ بِهَا فَلَهَا الثَّوَابُ، وإِنْ فَرَّطَتْ فِيهَا فَعَلَيْهَا العِقَابُ، ولِذَلِكَ اخْتَارَتِ العَافِيَةَ ﴿وأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا [الأحزاب: 72]، حَمَلَ الإِنْسَانُ أَمَانَةَ هَذِهِ المَسْؤُولِيَّةِ فِيمَا بَيْنَهُ وبَيْنَ اللَّهِ،


الشرح