×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمُ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٦٢لَّا تَجۡعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيۡنَكُمۡ كَدُعَآءِ بَعۡضِكُم بَعۡضٗاۚ قَدۡ يَعۡلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمۡ لِوَاذٗاۚ فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٦٣ [النور: 62- 63]، هَكَذَا عَلَّمَنَا اللَّهُ تعالى أَنْ نَتَأَدَّبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وذَلِكَ من مُقْتَضَيَاتِ الإِيمَانِ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ: التَّأَدُّبُ مَعَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وتَعْظِيمُ الرَّسُولِ وتَوْقِيرُهُ بِمَا شَرَعَهُ اللَّهُ تعالى، هَذَا من مُقْتَضَيَاتِ الإِيمَانِ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ، ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُۥ عَلَىٰٓ أَمۡرٖ جَامِعٖ [النور: 62]، من أُمُورِ المُسْلِمِينَ، ﴿لَّمۡ يَذۡهَبُواْ حَتَّىٰ يَسۡتَ‍ٔۡذِنُوهُۚ [النور: 62]، إِذَا حَضَرُوا مَعَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لأَِجْلِ أَيِّ مُهِمَّةٍ من مُهِمَّاتِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ، ومُهِمَّاتِ التَّلَقِّي عَنِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم خُصُوصًا إِذَا كَانَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم هُوَ الَّذِي دَعَاهُم إِلَى الاجْتِمَاعِ، فَإِنَّهُ لا يَجُوزُ لِلمُؤْمِنِينَ أَنْ يَذْهَبُوا من هَذَا الاجْتِمَاعِ وهَذَا الأَمْرِ الجَامِعِ إلاَّ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ، خِلاَفًا لِلمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يُسِيئُونَ الأَدَبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ ومَعْنَى﴿حَتَّىٰ يَسۡتَ‍ٔۡذِنُوهُۚ [النور: 62]، أيْ: يَطْلُبُوا مِنْهُ الإِذْنَ لَهُم بالانْصِرَافِ إِذَا كَانَ لَهُم حَاجَاتٌ ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَ‍ٔۡذِنُونَكَ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ [النور: 62]، دَلَّ هَذَا عَلَى إِيمَانِهِم وتَعْظِيمِهِم لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وتَأَدُّبِهِم مَعَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، ومَفْهُومُ الآيَةِ أَنَّ من لَم يَسْتَأْذِنْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ إِيمَانِهِ أو عَدَمِ إِيمَانِهِ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تعالى أَمَرَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ شَاءَ مِنْهُم، ففَوَّضَ اللَّهُ تعالى إِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ شَاءَ من أَصْحَابِهِ مِمَّنْ يَرَى الإِذْنَ لَهُ، وهُوَ صلى الله عليه وسلم بالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، لا يَشُقُّ عَلَى أَصْحَابِهِ، ولا يُحِبُّ لَهُم العَنَتَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ [التوبة: 128]، ﴿وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمُ ٱللَّهَۚ


الشرح