×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

 [النور: 62]، اطْلُبْ لَهُم المَغْفِرَةَ مِنْهُ إِكْرَامًا لَهُم عَلَى أَدَبِهِم مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ومَعْلُومٌ أَنَّ الرَّسُولَ إِذَا اسْتَغْفَرَ لَهُم فَإِنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مُجَابُ الدَّعْوَةِ، وقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لِلمُؤْمِنِينَ ﴿فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ [محمد: 19]، أَمَّا المُنَافِقُونَ فَقَدْ نَهَاهُ اللَّهُ عَنِ الاسْتِغْفَارِ لَهُم، قَالَ تعالى: ﴿ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ [التوبة: 80]، وقَالَ تعالى: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰٓ أَحَدٖ مِّنۡهُم مَّاتَ أَبَدٗا وَلَا تَقُمۡ عَلَىٰ قَبۡرِهِۦٓۖ [التوبة: 84]، يَعْنِي: لا تَدْعُ لَهُ وتَسْتَغْفِرْ لَهُ؛ لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ من عَادَتِهِ أَنَّهُ إِذَا دُفِنَ المَيِّتُ يَقُومُ عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ الدَّفْنِ ويَسْتَغْفِرُ لَهُ، ويَأْمُرُ أَصْحَابَهُ بالاسْتِغْفَارِ لَهُ، ويَقُولُ: «اسْتَغْفِرُوا لأَِخِيكُمْ، وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإنَّهُ الآْنَ يُسْأَلُ» ([1])، هَذَا شَأْنُهُ صلى الله عليه وسلم مَعَ المُؤْمِنِينَ، وقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ.

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تعالى وَجَّهَ الخطاب إِلَى المُؤْمِنِينَ فَقَالَ ﴿لَّا تَجۡعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيۡنَكُمۡ كَدُعَآءِ بَعۡضِكُم بَعۡضٗاۚ [النور: 63]، هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَرۡفَعُوٓاْ أَصۡوَٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِيِّ وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ ٢إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصۡوَٰتَهُمۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمۡتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡ لِلتَّقۡوَىٰۚ لَهُم مَّغۡفِرَةٞ وَأَجۡرٌ عَظِيمٌ ٣ [الحجرات: 2- 3]، ثُمَّ ذَكَرَ خَطَأَ مَن أَسَاءَ الأَدَبَ مَعَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم في هَذَا فَقَالَ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ [الحجرات: 4]، هَؤُلاَءِ لَيْسُوا مُنَافِقِينَ، لَكِنَّهُم أَعْرَابٌ، تَعَوَّدُوا عَلَى البَادِيَةِ وعَلَى الجَفَاءِ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُم في طَلَبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخۡرُجَ إِلَيۡهِمۡ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۡۚ [الحجرات: 5]، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَطْمَعَهُم


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3221)، والبزار رقم (445)، والحاكم رقم (1372).