×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

ونَخُصُّ الشَّبَابَ المُسْلِمَ بِالذِّكْرِ؛ لأَِنَّ الشَّبَابَ غَيْرُ المُسْلِمِ لا أَهَمِّيَّةَ لَهُ، كَذَلِكَ لا مُسْتَقْبَلَ لَهُ مَادَامَ عَلَى الكُفْرِ بِاللَّهِ تعالى؛ ولِذَلِكَ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، بَلْ إِنَّ عَدَمَهُ خَيْرٌ من وُجُودِهِ.

أَمَّا الشَّبَابُ المُسْلِمُ فَلَهُ قِيمَتُهُ وأَهَمِّيَّتُهُ، ولِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُوَجِّهُ إِرْشَادَاته وتَعْلِيمَاتَهُ لِلشَّبَابِ، ومِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - «يَا غُلاَمُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ؛ احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَت عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعَت عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَْقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» وفي رِوَايَةٍ: «وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرًا» هَذِهِ تَوْجِيهَاتٌ نَبَوِيَّةٌ، وجَّهَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاِبْنِ عَمِّهِ الشَّابِّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وهِيَ تَوْجِيهَاتٌ لِسَائِرِ شَبَابِ الأُمَّةِ، لأَِنَّ كَلِمَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وأَوَامِرَهُ ونَوَاهِيهِ عَامَّةٌ لِجَمِيعِ الأُمَّةِ، وإِنْ وجَّهَهَا لِبَعْضِ الأَفْرَادِ، إلاَّ بِدَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى الخُصُوصِ.

وقَوْلُهُ: «احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ»، أَيْ: احْفَظْ أَوَامِرَ اللَّهِ جل وعلا بِفِعْلِ الطَّاعَةِ، وتَرْكِ المَعْصِيَةِ، فَإِذَا حَفِظَ الإِنْسَانُ حُدُودَ رَبِّهِ وفَرَائِضَهُ حَفِظَهُ اللَّهُ في جَمِيعِ أُمُورِهِ؛ لأَِنَّ مَنْ كَانَ مَعَ اللَّهِ كَانَ اللَّهُ مَعَهُ، فَمَنْ حَفِظَ دِينَ اللَّهِ بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، واجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، والتِزَامِ حُدُودِهِ، فَإِنَّ الجَزَاءَ من جِنْسِ العَمَلِ؛ ولِذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تعالى يَحْفَظُهُ مِمَّا يَكْرَهُ، وقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ» ([1]) تَأْكِيدٌ، يَعْنِي: يَكُونُ أَمَامَكَ دَائِمًا، يُيَسِّرُ


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2516)، وأحمد رقم (2669)، وأبو يعلى رقم (2556)، والبيهقي في «الشعب» رقم (192).