×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

لَكَ الأُمُورَ، ويُخْرِجُكَ مِنَ الشَّدَائِدِ، ويُسَهِّلُ لَكَ كُلَّ حَالٍ اسْتَصْعَبَ عَلَيْكَ.

وهَذِهِ التَّوْجِيهَاتُ العَظِيمَةُ قَالَ عَلَى ضَوْئِهَا أَهْل العِلْمِ: إِنَّ من حَفِظَ اللَّهَ في شَبَابِهِ حَفِظَهُ اللَّهُ عِنْدَ مَشِيبِهِ، وحِفْظُ اللَّهِ في الشَّبَابِ يَعْنِي: النَّشْأَةُ عَلَى الخَيْرِ والطَّاعَةِ، فلا يَسْفَهُ في شَبَابِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تعالى يَحْفَظُهُ عِنْدَ المَشِيبِ، ويُحْسِنُ لَهُ الخَاتِمَةَ، وهَذَا شَيْءٌ مُجَرَّبٌ؛ لأَِنَّ الَّذِينَ لاَزَمُوا الطَّاعَةَ وحَفِظُوا دِينَ اللَّهَ تعالى فَإِنَّ اللَّهَ يَحْفَظُهُم عِنْدَ الكِبَرِ، وعِنْدَ الوَفَاةِ، يُحْسِنُ لَهُم الخِتَامَ، ويَحْفَظُهُم من عَدُوِّهِم الشَّيْطَانِ، جَزَاءً لِعَمَلِهِم الصَّالِحِ.

والنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِرَبِيبِهِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ «يَا غُلاَمُ، سَمِّ اللهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ» ([1])، وهَذِهِ الكَلِمَاتُ النَّبَوِيَّةُ قَدِ انْطَبَعَتْ في ذِهْنِ الشَّابِّ، وحَفِظَهَا ورَوَاهَا وبَلَّغَهَا لِلنَّاسِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ العِنَايَةَ بِالشَّبَابِ والأَطْفَالِ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ.

وكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» ([2])، فَفِي هَذَا الحَدِيثِ يَظْهَرُ اهْتِمَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَوْجِيهِ الشَّبَابِ إِلَى حِفْظِ فُرُوجِهِم، وعَدَمِ انْزِلاَقِهِم في الشَّهَوَاتِ المُحَرَّمَةِ؛ لأَِنَّ الشَّبَابَ عِنْدَهُم قُوَّةٌ، وعِنْدَهُم ضَعْفُ الإِدْرَاكِ، لأَِنَّهُم لَيْسُوا كَالشُّيُوخِ الَّذِينَ قَدْ نَضِجْتَ عُقُولُهُم.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5061)، ومسلم رقم (2022).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (4779)، ومسلم رقم (1400).