×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

فالشَّبَابُ وإِنْ كَانَتْ عِنْدَهُم قُوَّةٌ إلاَّ أَنَّ عُقُولَهُم لَيْسَتْ في مُسْتَوَى عَقْلِ الشُّيُوخِ في النُّضْجِ، فَهُم يُخْشَى عَلَيْهِم مِنَ الانْزِلاَقِ عِنْدَ المُرَاهَقَةِ وعِنْدَ البُلُوغِ، ولِذَلِكَ وجَّهَهُم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى المُبَادَرَةِ إِلَى أَخْذِ الحِيطَةِ فَقَالَ:

«مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ»، أَيْ: مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُم تَكَالِيفَ الزَّوَاجِ فَلْيَتَزَوَّجْ، ثُمَّ عَلَّلَ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ»، فالشَّبَابُ المُتَزَوِّجُ لا يَمْتَدُّ بَصَرُهُ إِلَى مَا لا يَجُوزُ النَّظَرُ إِلَيْهِ، وبِالتَّالِي يَحْفَظُ فَرْجَهُ مِنَ الحَرَامِ؛ لأَِنَّهُ اسْتَغْنَى بالحَلاَلِ، ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»؛ لأَِنَّ الصَّوْمَ يَكْسِرُ الشَّهْوَةَ ويَحُدُّهَا، ويُضْعِفُ مَجَارِيَ الشَّيْطَانِ ويَطْرُدُهُ؛ لأَِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي من ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وكُلُّ هَذَا من أَجْلِ العِنَايَةِ بِشُؤُونِ الشَّبَابِ.

وسَائِلُ تَرْبِيَةِ وتَعْلِيمِ الشَّبَابِ مِنَ الوَقْتِ المُبَكِّرِ

****

وكَذَلِكَ حَثَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى تَرْبِيَةِ الشَّبَابِ من وقْتٍ مُبَكِّرٍ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» ([1])، فَابْنُ السَّبْعِ لَيْسَ عَلَيْهِ واجِبَاتٌ، لَكِنَّه ُيُؤْمَرُ بِالصَّلاَةِ لأَِجْلِ أَنْ يَعْتَادَهَا ويَأْلَفَهَا ويَنْشَأَ عَلَيْهَا، فَتَنْطَبِعَ في ذِهْنِهِ، وتُصْبِحَ خَفِيفَةً عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَكْبُرُ؛ لأَِنَّ الصَّلاَةَ فِيهَا سِرٌّ عَظِيمٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَۖ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ وَلَذِكۡرُ ٱللَّهِ أَكۡبَرُۗ [العنكبوت: 45].

وقَالَ تعالى: ﴿وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلۡخَٰشِعِينَ ٤٥ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَٰقُواْ رَبِّهِمۡ وَأَنَّهُمۡ إِلَيۡهِ رَٰجِعُونَ ٤٦ [البقرة: 45- 46].


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (495)، وأحمد رقم (6689)، والبزار رقم (9823)، والبيهقي في «الشعب» رقم (8283).