×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

·       مَعْنَى التَّقْوَى:

التَّقْوَى مَعْنَاهَا في اللُّغَةِ: «أَنْ تَتَّخِذَ بَيْنَكَ وبَيْنَ مَا تَكْرَهُ وقَايَةً وحَائِلاً يَحُولُ بَيْنَكَ وبَيْنَ مَا تَكْرَهُ» كَمَا يَتَّخِذُ الإِنْسَانُ الثِّيَابَ يَتَّقِي بِهَا البَرْدَ والحَرَّ، ويَتَّخِذُ الدُّرُوعَ لِيَتَّقِيَ بِهَا سِهَامَ الأَعْدَاءِ، ويَبْنِي الحُصُونَ لِيَتَحَصَّنَّ بِهَا من كَيْدِ الأَعْدَاءِ كَمَا يَلْبَسُ عَلَى رِجْلَيْهِ مَا يَقِيَهُمَا من حَرِّ الرَّمْضَاءِ ومِنَ الشَّوْكِ والحفَاءِ، مَن فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اتَّقَى هَذِهِ المَحَاذِيرَ ولَكِنْ تَقْوَى اللَّهِ لا تَكُونُ لا بِاللِّبَاسِ ولا بالحُصُونِ ولا بِالسِّلاَحِ ولابالجُنُودِ، وإِنَّمَا تَكُونُ تَقْوَى اللَّهِ عز وجل بِطَاعَتِهِ وامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ واجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ سُبْحَانَهُ.

فَتَقْوَى اللَّهِ مَعْنَاهَا: أَنْ تَفْعَلَ مَا أَمَرَكَ تعالى بِهِ رَجَاءَ ثَوَابِهِ، وأَنْ تَتْرُكَ مَعْصِيَةَ اللَّهِ خَوْفًا من عِقَابِهِ: و﴿حَقَّ تُقَاتِهِۦ [آل عمران: 102] مَعْنَاهَا: أَنَّ الإِنْسَانَ لا يَتْرُكُ شَيْئًا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ إلاَّ وفَعَلَهُ، وأَنْ لا يَفْعَلَ شَيْئًا مِمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ بِأَنْ يَتَجَنَّبَ كُلَّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ.

تَفْسِيرُ ابْنِ مَسْعُودٍ لـ ﴿حَقَّ تُقَاتِهِۦ  [آل عِمرَان: 102]

****

ولِهَذَا يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ: «﴿ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ، أَنْ يُطَاعَ فَلاَ يُعْصَى وَأَنْ يُذْكَرَ فَلاَ يُنْسَى،وَأَنْ يُشْكَرَ فَلاَ يُكْفَرَ» ([1]). من فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ اتَّقَى اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ.

التَّقْوَى بِحَسَبِ الاسْتِطَاعَةِ

****

ولَكِنَّ أَحَدًا لَنْ يَسْتَطِيعَ أَنْ يَقُومَ بِهَذَا، لَنْ يَسْتَطِيعَ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا أَمَرَ


الشرح

([1])  أخرجه: النسائي في «الكبرى» رقم (11847)، والحاكم رقم (3159).