×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

اللَّهُ بِهِ ولا يَتْرُكَ شَيْئًا، وأَنْ يَتَجَنَّبَ كُلَّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، لِذَلِكَ أُشْكِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى بَعْضِ الصَّحَابَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى قَوْلَهُ: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ [التغابن: 16].

فَكَانَتْ هَذِهِ الآيَةُ مُبَيِّنَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: «﴿ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ [آل عمران: 102].

فَإِذَا قَامَ الإِنْسَانُ بِمَا يَسْتَطِيعُ فَقَدِ اتَّقَى اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ؛ لأَِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لا يُكَلِّفُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا وهَذَا من رَحْمَتِهِ تعالى بِعِبَادِهِ أَنَّهُ لا يُكَلِّفُهُم مَا لا يُطِيقُونَ.

فالإِنْسَانُ إِذْ بَذَلَ وُسْعَه في طَاعَةِ اللَّهِ عز وجل وتَجَنَّبَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْفُو عَنْ مَا لا يَسْتَطِيعُهُ الإِنْسَانُ، ولِهَذَا قَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عنهُ فَاجْتَنِبُوهُ» ([1])، فالأَوَامِرُ يَأْتِي الإِنْسَانُ مِنْهَا بِمَا يَسْتَطِيعُ، أَمَّا النَّوَاهِي فالإِنْسَانُ يَتَجَنَّبُهَا كُلَّهَا؛ لأَِنَّ الاجْتِنَابَ سَهْلٌ عَلَى الإِنْسَانِ.

الحِرْصُ عَلَى الأَسْبَابِ المُؤَدِّيَةِ لِحُسْنِ الخَاتِمَةِ

****

﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ [آل عمران: 102] هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تعالى بِأَنَّ المُؤْمِنَ لا يَمُوتُ إلاَّ وهُوَ مُسْلِمٌ مُتَمَسِّكٌ بِدِينِهِ.

وهل الإِنْسَانُ يَمْلِكُ أَنْ يَمُوتَ مُسْلِمًا أو أَنَّ هَذَا بِيَدِ اللَّهِ تعالى، هَذَا بِيَدِ اللَّهِ تعالى، ولَكِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ [آل عمران: 102]، أَيْ: اثْبُتُوا عَلَى الإِيمَانِ وعَلَى الإِسْلاَمِ ومَنْ ثَبَتَ عَلَى


الشرح

([1])  البخاري رقم (6858)، ومسلم رقم (1337).