أَنَّهُ إِذَا حَصَلَ بَحْثٌ في أَمْرٍ مِنَ
الأُمُورِ يَنْبَغِي أَنْ يُولِّيَ من هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ ويَجْعَل إِلَى
أَهْلِهِ ولا يَتَقَدَّم بَيْنَ أَيْدِيهِم فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ
وأَحْرَى لِلسَّلاَمَةِ مِنَ الخَطَإ، وفِيهِ النَّهْيُ عَنِ العَجَلَةِ
والتَّسَرُّعِ لِنَشْرِ الأُمُورِ من حِينِ سَمَاعِهَا والأَمْر بِالتَّأَمُّلِ
قَبْلَ الكَلاَمِ والنَّظَرِ فِيهِ هَلْ هُوَ مَصْلَحَةٌ فَيَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ
الإِنْسَانُ أَملا فيُحْجِمُ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوۡلَا
فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ﴾
[النساء: 83]. أَي: في تَوْفِيقِكُم وتَأْدِيبِكُم وتَعْلِيمِكُم مَا لَم
تَكُونُوا تَعْلَمُونَ. ﴿لَٱتَّبَعۡتُمُ
ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا﴾
[النساء: 83]؛ لأَِنَّ الإِنْسَانَ بِطَبْعِهِ ظَالِمٌ جَاهِلٌ فلا تَأْمُرُهُ
نَفْسُهُ إلاَّ بِالشَّرِّ، فَإِذَا لَجَأَ إِلَى رَبِّهِ واعْتَصَمَ بِهِ
واجْتَهَدَ في ذَلِكَ لَطفَ بِهِ رَبُّهُ ووَفَّقَهُ لِكُلِّ خَيْرٍ وعَصَمَهُ
مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ».
***
الصفحة 34 / 357