×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

وصَفَ ضَلاَلَهُم بِأَنَّهُ مُبِينٌ، وقَالَ تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ [التوبة: 33].

كَانَتْ حَالَةُ النَّاسِ عُمُومًا، وحَالَةُ العَرَبِ خُصُوصًا أَسْوَأَ حَالَةٍ حَتَّى قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الأَْرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إلاَّ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ» ([1])، فَعِنْدَمَا انْدرَسَت آثَارُ الرِّسَالاَتِ السَّمَاوِيَّةِ وأَصْبَحَ النَّاسُ في ظَلاَمِ حَالِكٍ، عِنْدَ ذَلِكَ أَذِنَ اللَّهُ بِبُزُوغِ فَجْرِ الرِّسَالَةِ المُحَمَّدِيَّةِ، فَفَرَّجَ اللَّهُ تعالى لِلعَالَمِ بِبَعْثِهِ هَذَا الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ودَعَا إِلَى نَبْذِ الوَثَنِيَّاتِ كُلِّهَا، ودَعَا إِلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ الخَلِيلِ عليه الصلاة والسلام ووَاصَلَ الدَّعْوَةَ والجِهَادَ ولَقِيَ مِنَ العَنَتِ والعِنَادِ من كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، ولَكِنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَبَرَ وصَابَرَ، وجَاهَدَ، ودَعَا إِلَى اللَّهِ حَتَّى ظَهَرَتْ كَلِمَةُ اللَّهِ تعالى واجْتَمَعَ حَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم من خِيرَةِ النَّاسِ مَنِ اخْتَارَهُم اللَّهُ لِصُحْبَتِهِ، مِنَ المُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ وتَكَوَّنَتْ جُيُوشٌ لِلتَّوْحِيدِ، وكَتَائِبُ لِلإِيمَانِ يَقُودُهَا مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ مَكَّةَ المُشَرَّفَةَ، ودَخَلَ النَّاسُ في دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا، وجَاءَتِ الوُفُودُ من أَنْحَاءِ الجَزِيرَةِ العَرَبِيَّةِ تُعْلِنُ الإِيمَانَ والدُّخُولَ في الإِسْلاَمِ، وحَطَّمَ صلى الله عليه وسلم الأَصْنَامَ الَّتِي كَانَتْ فَوْقَ الكَعْبَةِ وكَانَتْ تَبْلُغُ ثَلاَثمِائَة وسِتِّينَ صَنَمًا، ثُمَّ دَخَلَ صلى الله عليه وسلم جَوْفَ الكَعْبَةِوغَسَلَ مَا رُسِمَ عَلَى حَائِطِهَا مِنَ الصُّوَرِ وأَزَالَهَا وهَلَّلَ اللَّهَ تعالى وكَبَّرَهُ في نَوَاحِي الكَعْبَةِ ثُمَّ أَرْسَلَ صلى الله عليه وسلم إِلَى الأَصْنَامِ الَّتِي كَانَتْ خَارِجَ مَكَّةَ فَكُسِّرَتْ كُلُّهَا وأُزِيلَتْ مِنَ الوُجُودِ وعَادَتْ عَقِيدَةُ التَّوْحِيدِصَافِيَةً نَقِيَّةًوتَكَامَلَتْ شَرِيعَةُ الإِسْلاَمِ واجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهَا من جَمِيعِ أَنْحَاءِ الجَزِيرَةِ، وكَاتَبَ


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2865).