الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مُلُوكَ كِسْرَى
وقَيْصَرَ يَدْعُوهُم إِلَى الإِسْلاَمِ ويُعْلِنُ لَهُم أَنَّهُ لا بُدَّ لَهُم
مِنَ الدُّخُولِ في الإِسْلاَمِ وإِلاَّ فَإِنَّ جُيُوشَ التَّوْحِيدِ وكَتَائِبَ
الإِيمَانِ سَوْفَ تَقْتَحِمُ بِلاَدَهُم ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تعالى بَعْد أَنْ
تَكَامَلَ هَذَا الدِّينُ قَالَ: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ
عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ﴾ [المائدة: 3]، واخْتَارَ اللَّهُ لِرَسُولِهِ
الانْتِقَالَ إِلَى الرَّفِيقِ الأَعْلَى فَتُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم
بَعْدَمَا أَكْمَلَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ قَائِلاً لأُِمَّتِهِ: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ
تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي»،
وقَائِلاً: «مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ
فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ
الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا
عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ
مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1]).
مُحَاوَلاَتٌ
لِتَفْرِيقِ المُسْلِمِينَ بَعْدَ تَكْوِينِ دَوْلَةِ الإِسْلاَمِ واجْتِمَاعِ
المُسْلِمِينَ ولَمَّا تَكَوَّنَتْ دَوْلَةُ الإِسْلاَمِ واجْتَمَعَ المُسْلِمُونَ
وتَوَحَّدَتْ صُفُوفُهُم مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَاوَلَ
الأَعْدَاءُ أَنْ يُفَرِّقُوا هَذَا الاجْتِمَاعِ وأَنْ يُشَتِّتُوا هَذِهِ
الأُمَّةَ بِشَتَّى الوَسَائِلِ، من ذَلِكَ مُحَاوَلَةُ اليَهُودِ لَمَّا قَالَ
تَعَالَى ﴿وَقَالَت
طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ﴾ [آل عمران: 72].
هَذِهِ دَسِيسَةٌ حَاوَلُوا بِهَا تَفْرِيقَ المُسْلِمِينَ وذَلِكَ بِأَنْ يُسْلِمَ أُنَاسٌ مِنْهُم خُدْعَةً ومَكْرًا في أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ يَرْتَدُّونَ في آخِرِهِ من أَجْلِ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ هَؤُلاَءِ أَهْل الكِتَابِ وهُم أَعْلَمُ فَلَوْ كَانَ في دِينِ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ لَمَا ارْتَدُّوا عَنْهُ، هَكَذَا حَاوَلُوا أَوَّلَ مُحَاوَلَةٍ، ولَكِنْ هَذِهِ المُحَاوَلَةُ بَاءَتْ
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17142).