×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

بالفَشَلِ ولِلَّهِ الحَمْدُ وكَشَفَهَا اللَّهُ، وأَنْزَلَ فِيهَا هَذِهِ الآيَةَ الكَرِيمَةَ لِتَكْشِفَ خُطَّةَ اليَهُودِ وتُحَذِّرَ المُسْلِمِينَ من كَيْدِهِم.

ومَرَّةً ثَانِيَةً مِنَ المُحَاوَلاَتِ، جَاءَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ ورَأَى الأَنْصَارَ مِنَ الأَوْسِ والخَزْرَجِ مُجْتَمِعِينَ مُتَآلِفِينَ يَجْلِسُ بَعْضُهُم إِلَى بَعْضٍ جُلُوسَ الأُخُوَّةِ، فَأَرَادَ هَذَا اليَهُودِيُّ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُم فَصَارَ يُذَكِّرُهُم بالحُرُوبِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُم في الجَاهِلِيَّةِ مَا بَيْنَ الأَوْسِ والخَزْرَجِ، ومَا قَالَهُ بَعْضُهُم في بَعْضٍ مِنَ الهِجَاءِ والسَّبِّ والقَصَائِدِ الَّتِي قَالَهَا بَعْضُهُم في بَعْضٍ، فَثَارَتْ في نُفُوسِهِم الحَمِيَّةُ بِسَبَبِ هَذَا الشَّيْطَانِ وتَذَكَّرُوا هَذِهِ الثَّارَاتِ القَدِيمَةِ.

فَتَشَاوَرَ الحَيَّان حَيُّ الأَوْسِ والخَزْرَجِ وتَوَاعَدُوا القِتَالَ مِنَ الغَدِ فَلَمَّا عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ بَادَرَ إِلَيْهِم وخَرَجَ إِلَيْهِم وجَلَسَ بَيْنَهُم وجَعَلَ يَتْلُو عَلَيْهِم كِتَابَ اللَّهِ ويُذَكِّرُهُم بِنِعْمَةِ اللَّهِ وأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ [آل عمران: 103].

وعِنْدَمَا سَمِعُوا كَلاَمَ اللَّهِ زَالَ مَا في نُفُوسِهِم مِنَ المِحَنِ الَّتِي أَثَارَهَا عَدُوُّ اللَّهِ اليَهُودِيُّ وقَامَ بَعْضُهُم يُسَلِّمُ عَلَى بَعْضٍ ويَبْكِي، وزَالَتْ مَكِيدَةُ هَذَا اليَهُودِيِّ الخَبِيثِ ورَجَعَ الاجْتِمَاعُ إِلَى الإِيمَانِ والأُخُوَّةِ في الدِّينِ، والمُنَافِقُونَ أَيْضًا حَاوَلُوا التَّفْرِيقَ بَيْنَ المُسْلِمِينَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنۡ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْۗ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ [المنافقون: 7].

يَقُولُ المُنَافِقُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى من عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مِنَ الصَّحَابَةِ والمُهَاجِرِينَ والأَنْصَارِ لا تُعْطُوهُم من أَمْوَالِكُم حَتَّى يَضِيقَ بِهِم العَيْشُ


الشرح