وهَذَا يَشْمَلُ العِلْمَ بِأُصُولِ الدِّينِ
وفُرُوعِهِ من مَعْرِفَةِ اللَّهِ تعالى بِأَسْمَائِهِ وصِفَاتِهِ ومَا يَجِبُ من
حَقِّهِ عَلَى عِبَادِهِ ومَعْرِفَةِ الحَلاَلِ والحَرَامِ والوَاجِبِ
والمُحَرَّمِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا جَاءَ في الكِتَابِ والسُّنَّةِ مِمَّا
شَرَعَهُ اللَّهُ لَنَا وطَلَبَ مِنَّا مَعْرِفَتُهُ والعَمَلَ بِهِ، فَإِنَّ مَنْ
وفَّقَهُ اللَّهُ لِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَقَدْ فَقَّهُهُ في الدِّينِ وفَهَّمَهُ
دِينَهُ الَّذِي هُوَ مَنَاطُ سَعَادَتِهِ في الدُّنْيَا والآخِرَةِ.
فالفِقْهُ
في الدِّينِ هُوَ أَجَلّ المَطَالِبِ وأَعْظَمُ المَقَاصِدِ؛ لأَِنَّهُ يُؤَدِّي
إِلَى العَمَلِ عَلَى بَصِيرَةٍ وعَلَى مَعْرِفَةٍ فَيَكُونُ الإِنْسَانُ عَالِمًا
عَامِلاً مُخْلِصًا لِلَّهِ عز وجل في عِلْمِهِ وعَمَلِهِ، وهَذَا هُوَ الَّذِي
بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ اللَّهَ بَعَثَ
رَسُولَهُ بالهُدَى ودين الحَقِّ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ﴾ [التوبة: 33].
فالهُدَى
هُوَ العِلْمُ النَّافِعُ، ودين الحَقِّ هُوَ العَمَلُ الصَّالِحُ.
أَقْسَامُ الفِقْهِ
****
·
والفِقْهُ
في اصْطِلاَحِ أَهْلِ العِلْمِ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
القِسْمُ
الأَوَّلُ: يُسَمَّى بالفِقْهِ الأَكْبَرِ وهُوَ مَعْرِفَةُ
اللَّهِ تعالى بِأَسْمَائِهِ وصِفَاتِهِ ومَا يَجِبُ لَهُ مِنَ العِبَادَةِ
والإِخْلاَصِ، ومَا يُنَزَّهْ عَنْهُ مِنَ العُيُوبِ والنَّقَائِصِ.
والقِسْمُ
الثَّانِي: هُوَ الفِقْهُ في أَحْكَامِ العِبَادَاتِ
والمُعَامَلاَتِ والجِنَايَاتِ والأَنكِحَة وغَيْرِ ذَلِكَ وهَذَا يُعْتَبَرُ
مُكَمِّلاً للقسم الأَوَّلِ وتَابِعًا لَهُ.