وقَالَ تعالى في الرَّدِّ عَلَى المُرْتَدِّينَ
والزَّائِفِينَ: ﴿فَهَلۡ
عَسَيۡتُمۡ إِن تَوَلَّيۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوٓاْ أَرۡحَامَكُمۡ
٢٢أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰٓ أَبۡصَٰرَهُمۡ
٢٣أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ ٢٤إِنَّ
ٱلَّذِينَ ٱرۡتَدُّواْ عَلَىٰٓ أَدۡبَٰرِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡهُدَى
ٱلشَّيۡطَٰنُ سَوَّلَ لَهُمۡ وَأَمۡلَىٰ لَهُمۡ ٢٥ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ
كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ
إِسۡرَارَهُمۡ ٢٦﴾ [محمد:
22- 26].
ولَوْ
أَنَّهُم تَدَبَّرُوا القُرْآنَ لَزَالَتْ عَنْهُم كُلُّ هَذِهِ الأَمْرَاضِ
وهَذِهِ العَوَارِض القَبِيحَة ولَوَ وصَلُوا أَرْحَامَهُم ووَصَلُوا مَا أَمَرَ
اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ لَأَطَاعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ، ولَكِنَّهُم لَمَّا
أَعْرَضُوا عَنِ القُرْآنِ ولَم يَتَدَبَّرُوهُ ابْتُلُوا بِهَذِهِ المَصَائِبِ
فَابْتُلُوا بالقَطِيعَةِ وحَقَّتْ عَلَيْهِم اللَّعْنَةُ ووَقَعُوا في الرِّدَّةِ،
كُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ أَنَّهُم لَم يَتَدَبَّرُوا القُرْآنَ.
وأُغْلِقَتْ
قُلُوبُهُم عَنِ الفَهْمِ: ﴿أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ﴾ [محمد: 24].
فالإِنْسَانُ
إِذَا أَعْرَضَ عَنِ القُرْآنِ فَإِنَّ قَلْبَهُ يَقْسُو ويَمْرَضُ وفي
النِّهَايَةِ يُقْفَلُ فلا يَصِلُ إِلَيْهِ الهُدَى ولا النُّورُ عُقُوبَةً لَهُ
والعِيَاذُ بِاللَّهِ، كُلُّ هَذَا بِسَبَبِ عَدَمِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ
الكَرِيمِ، ولِهَذَا يَقُولُ الإِمَامُ ابْنُ القَيِّمِ رحمه الله:
تَدَبَّرِ القُرْآنَ إِنْ رُمْت الهُدَى **** فالعِلْمُ
تَحْتَ تَدَبُّرِ القُرْآنِ
رَابِعًا: تَنْفِيذُ أَوَامِرِهِ واجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ
****
رَابِعًا:
لا يَكْفِي مِنَّا أَنْ نَتَعَلَّمَ القُرْآنَ وأَنْ نَتْلُوَ القُرْآنَ وأَنْ
نَتَدَبَّرَ القُرْآنَ بَلْ لا بُدَّ مِنَ الأَمْرِ الرَّابِعِ وهُوَ العَمَلُ
بِهِ بِمَعْنَى أَنَّ نُحِلَّ حَلاَلَهُ، ونُحَرِّمَ حَرَامَهُ، ونَتَقَيَّدَ
بِأَوَامِرِهِ، ونَتَجَنَّبَ مَا نَهَانَا عَنْهُ.
وهَذَا
هُوَ المَقْصُودُ ومَا سَبَقَ من تَعَلُّمِهِ وتِلاَوَتِهِ وتَدَبُّرِهِ كُلّهُ
وسِيلَةٌ إِلَى