ذُرِّيَّةَ مَنۡ حَمَلۡنَا مَعَ
نُوحٍۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَبۡدٗا شَكُورٗا ٣وَقَضَيۡنَآ إِلَىٰ بَنِيٓ
إِسۡرَٰٓءِيلَ فِي ٱلۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ
وَلَتَعۡلُنَّ عُلُوّٗا كَبِيرٗا ٤﴾
[الإسراء: 1- 4] إِلَى آخِرِ الآيَاتِ.
مَا وصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ القُرْآنَ الكَرِيمَ
****
وقَدْ
وصَفَ اللَّهُ تعالى هَذَا القُرْآنَ الكَرِيمَ بِأَوْصَافٍ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ في
أَوَّلِ سُورَةِ البَقَرَةِ الَّتِي هِيَ ثَانِي سُورَةٍ في القُرْآنِ بَعْدَ
الفَاتِحَةِ، قَالَ تعالى بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: ﴿الٓمٓ ١ذَٰلِكَ
ٱلۡكِتَٰبُ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ٢ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَيۡبِ
وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ يُنفِقُونَ ٣وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ
بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبۡلِكَ وَبِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ
٤﴾ [البقرة: 1- 4] وصَفَهُ
بِأَنَّهُ هُدًى لِلمُتَّقِينَ.
وقَالَ
في أَثْنَاءِ هَذِهِ السُّورَةِ: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ
هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ﴾ [البقرة: 185].
فَوَصَفَهُ
اللَّهُ في أَوَّلِ السُّورَةِ بِأَنَّهُ هُدًى لِلمُتَّقِينَ، ووَصَفَهُ في
أَثْنَائِهَا بِأَنَّهُ هُدًى لِلنَّاسِ، وهَذَا الوَصْفُ عَامٌ لِلمُتَّقِينَ
وغَيْرِ المُتَّقِينَ.
أَمَّا
المُتَّقُونَ فَهُوَ هُدًى لَهُم بِمَعْنَى يَنْتَفِعُونَ بِهِ ويَسْتَفِيدُونَ
مِنْهُ ويَسْتَضِيئُونَ بِنُورِهِ، وأَمَّا غَيْرُ المُتَّقِينَ فَهُوَ هُدًى
بِمَعْنَى أَنْ يُبَيِّنَ لَهُم طَرِيقَ الرَّشَادِ إِذَا أَرَادُوا لأَِنْفُسِهِم
الرَّشَادَ فَهُوَ هُدَى دَلاَلَةٍ وإِرْشَادٍ لِكُلِّ النَّاسِ وهُدَى تَوْفِيقٍ
لِلمُتَّقِينَ خَاصَّةً الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِهَذَا القُرْآنِ.
لأَِنَّ الهِدَايَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ هِدَايَةُ
تَوْفِيقٍ وعَمَلٍ وهَذِهِ خَاصَّةٌ لِلمُؤْمِنِينَ وهِدَايَةُ دَلاَلَةٍ
وإِرْشَادٍ وهَذِهِ عَامَّةٌ لِجَمِيعِ النَّاسِ، وقَالَ تعالى فيوصفِ هَذَا
القُرْآنِ: ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ وَيُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ
ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ