ٱلصَّٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرٗا
كَبِيرٗا ٩وَأَنَّ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ أَعۡتَدۡنَا لَهُمۡ
عَذَابًا أَلِيمٗا ١٠﴾ [الإسراء:
9- 10].
وصَفَهُ
اللَّهُ بِأَنَّهُ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، يَعْنِي: لِلطَّرِيقَةِ
الَّتِي هِيَ أَقْوَمُ الطُّرُقِ وأَعْدَلهَا المُوَصِّلَة إِلَى اللَّهِ عز وجل
وإِلَى جَنَّاتِهِ، فَعَلَيْكَ أَنْ تَعْمَلَ بِهَذَا القُرْآنِ الكَرِيمِ؛
لأَِنَّهُ يَدُلُّكَ ويَهْدِيكَ ويُرْشِدُكَ إِلَى الطَّرِيقِ إِلَى اللَّهِ
تعالى.
كَمَا
وصَفَهُ في آيَةٍ أُخْرَى بِأَنَّهُ رُوحٌ ومِنْ مَعَانِي الرُّوحِ مَا تَحْيَا
بِهِ القُلُوبُ وتَحْصُلُ بِهِ الحَيَاةُ المَعْنَوِيَّةُ كَالْجِسْمِ إِذَا كَانَ
فِيهِ رُوحٌ يَكُونُ حَيًّا وإِذَا خَرَجَتْ مِنْهُ الرُّوحُ يَكُونُ مَيِّتًا
قَالَ ﴿وَكَذَٰلِكَ
أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ﴾
[الشورى: 52] والمَقْصُودُ بِالرُّوحِ هُنَا القُرْآنُ الكَرِيمُ الَّذِي
أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَى رَسُولِهِ.
هُوَ
رُوحٌ لِلقُلُوبِ. ورُوحُ القُلُوبِ أَخَصُّ من رُوحِ الأَبْدَانِ، سَمَّاهُ
اللَّهُ رُوحًا؛ لأَِنَّهُ تَحْيَا بِهِ القُلُوبُ، فَإِذَا خَالَطَ هَذَا
القُرْآنُ بِشَاشَةَ القَلْبِ فَإِنَّهُ يَحْيَا ويَسْتَنِيرُ ويَعْرِفُ رَبَّهُ
ويَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى بَصِيرَةٍ ويَخْشَاهُ ويَتَّقِيهِ ويَخَافُهُ ويُحِبُّهُ
ويُجِلُّهُ ويُعَظِّمُهُ، لأَِنَّ هَذَا القُرْآنَ رُوحٌ تُحَرِّكُ القُلُوبَ
كَالرُّوحِ الَّتِي تُحَرِّكُ الأَبْدَانَ والأَجْسَامَ.
فَكَمَا
أَنَّ الرُّوحَ إِذَا دَخَلَتِ الأَبْدَانَ حَرَّكَتْهَا وأَحْيَتْهَا كَذَلِكَ
القُرْآنُ إِذَا دَخَلَ القُلُوبَ فَإِنَّهُ يُحْيِيهَا ويُحَرِّكُهَا لِخَشْيَةِ
اللَّهِ ومَحَبَّتِهِ، أَمَّا إِذَا خَلَتِ القُلُوبُ مِنَ القُرْآنِ فَإِنَّهَا
تَمُوتُ كَمَا أَنَّ الجِسْمَ إِذَا خَلاَ مِنَ الرُّوحِ فَإِنَّهُ يَمُوتُ،
فَهُنَاكَ مَوتَان وحَيَاتَانِ: أَمَّا المَوتَانِ فَهُمَا مَوْتُ الجِسْمِ
ومَوْتُ القَلْبِ وأَمَّا الحَيَاتَانِ فَحَيَاةُ الجِسْمِ وحَيَاةُ القَلْبِ؛
لأَِنَّ حَيَاةَ الجِسْمِ تَحْصُلُ لِلمُؤْمِنِ ولِلْكَافِرِ والتَّقِيّ
والفَاسِقِ بَلْ تَحْصُلُ لِلإِنْسَانِ والحَيَوَانِ لَيْسَ فِيهَا ميزَةٌ،
إِنَّمَا الميزَةُ في حَيَاةِ القَلْبِ وهِيَ لا تَحْصُلُ إلاَّ لِعِبَادِ اللَّهِ