×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

 المُؤْمِنِينَ المُتَّقِينَ، أَمَّا الكُفَّارُ وأَمَّا البَهَائِمُ فَإِنَّهَا فَاقِدَةٌ لِحَيَاةِ القُلُوبِ وإِنْ كَانَتْ فِيهَا حَيَاةُ الأَجْسَامِ وحَيَاةُ الأَبْدَانِ.

أَمَّا المُؤْمِنُ فَإِنَّ فِيهِ الحَيَاتَيْنِ: حَيَاةُ الجِسْمِ، وحَيَاةُ القَلْبِ، والكَافِرُ بِهِ حَيَاةُ الجِسْمِ ولَيْسَ فِيهِ حَيَاةُ القَلْبِ.

الحَاصِلُ أَنَّ اللَّهَ سَمَّى القُرْآنَ رُوحًا بِمَعْنَى أَنَّهُ تَحْيا بِهِ القُلُوبُ وتُبْصِرُ بِنُورِ اللَّهِ بِوَاسِطَتِهِ ويَدُلُّهَا عَلَى نَجَاتِهَا ورَبِّهَا وهَادِيهَا.

وكَذَلِكَ سَمَّى اللَّهُ هَذَا القُرْآنَ نُورًا والنُّورُ وهُوَ الَّذِي يُضِيءُ الطَّرِيقَ أَمَامَ الإِنْسَانِ ويُبْصِرُ بِهِ مَا أَمَامَهُ مِنَ الحُفَرِ والأَشْوَاكِ لِيَتَجَنَّبَهَا ويُبْصِرُ بِهِ الطَّرِيقَ السَّلِيمَ فَيَمْشِي مَعَهُ.

أَمَّا فَاقِدُ النُّورِ فَيَكُونُ في ظُلْمَةٍ فلا يَرَى الحُفَرَ والأَشْوَاكِ ولا الأَخْطَار؛ لأَِنَّهُ لا يُبْصِرُهَا.

ونَحْنُ نَعْرِفُ النُّورَ الحِسِّيَّ مِثْل نُورِ الشَّمْسِ ونُورِ السِّرَاجِ ونُورِ المِصْبَاحِ وسَائِرِ الأَنْوَارِ المَخْلُوقَةِ، هَذَا النُّورُ نَعْرِفُ كَيْفَ نَسِيرُ بِهِ في الطُّرُقَاتِ والأَسْوَاقِ والبُيُوتِ، ونَعْرِفُ عَنْ طَرِيقِهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَجَنُّبٍ وإِلَى احْتِيَاطٍ.

لَكِنَّ نُورَ القُرْآنِ نُورٌ مَعْنَوِيٌّ تُبْصِرُ بِهِ مَا يَنْفَعُكَ في دِينِكَ ودُنْيَاكَ، يُبَيِّنُ لَكَ الحَقَّ مِنَ البَاطِلِ ويَصِفُ لَكَ الطَّرِيقَ إِلَى الجَنَّةِ فَأَنْتَ تَسِيرُ فِيهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللَّهِ.

قَالَ تَعَالَى ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَكُم بُرۡهَٰنٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكُمۡ نُورٗا مُّبِينٗا ١٧٤فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعۡتَصَمُواْ بِهِۦ فَسَيُدۡخِلُهُمۡ فِي رَحۡمَةٖ مِّنۡهُ وَفَضۡلٖ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَيۡهِ صِرَٰطٗا مُّسۡتَقِيمٗا ١٧٥ [النساء: 174- 175] فالقُرْآنُ نُورٌ مَعْنَوِيٌّ تُبْصِرُ بِهِ طَرِيقَ الهُدَى من طَرِيقِ الظَّلاَمِ، تُبْصِرُ بِهِ طَرِيقَ الجَنَّةِ من طَرِيقِ


الشرح