النَّارِ، تَعْرِفُ بِهِ الضَّارَّ والنَّافِعَ،
تَعْرِفُ بِهِ الخَيْرَ والشَّرَّ، والقُرْآنُ نُورٌ يُضِيءُ لِلعَالَمِ طَرِيقَ
نَجَاتِهِم وطَرِيقَ سَعَادَتِهم وطَرِيقَ فلاحِهِم في الدُّنْيَا والآخِرَةِ
كَمَا وصَفَهُ اللَّهُ بِأَنَّهُ فُرْقَانٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي
نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا﴾ [الفرقان: 1].
[503]
فُرْقَانٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ والبَاطِلِ وبَيْنَ الهُدَى
والضَّلاَلِ، فَهُوَ فَارِقٌ وفُرْقَانٌ يُمَيِّزُ لَكَ أَيُّهَا المُسْلِمُ مَا
يَنْفَعُكَ ومَا يَضُرُّكَ، ويَأْمُرُكَ بِفِعْل ِالخَيْرِ ويَنْهَاكَ عَنْ فِعْلِ
الشَّرِّ، ويُبَصِّرُكَ بِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ في دُنْيَاكَ وآخِرَتِكَ فَهُوَ
فُرْقَانٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الحَقِّ والبَاطِلِ.
وهُوَ
هُدًى بِمَعْنَى أَنَّهُ يَهْدِي ويَدُلُّ ويُرْشِدُ إِلَى الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ
وهُوَ نُورٌ؛ لأَِنَّهُ يُضِيءُ لَكَ الطَّرِيقَ.
وهُوَ
حَيَاةٌ؛ لأَِنَّهُ يَحْيَى بِهِ القَلْبُ ويَشْفَى ويَحْيَى بِهِ إِذَا كَانَ
قَلْبًا مَرِيضًا أو مَيِّتًا.
كَمَا
أَنَّهُ تعالى وصَفَ هَذَا القُرْآنَ بِأَنَّهُ شِفَاءٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ
قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ
وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ﴾
[يونس: 57].
فَهُوَ
شِفَاءٌ مِنَ الأَمْرَاضِ الحِسِّيَّةِ والأَمْرَاضِ المَعْنَوِيَّةِ، هُوَ
شِفَاءٌ لِلأَمْرَاضِ الحِسِّيَّةِ بِحَيْثُ إِذَا قُرِئَ عَلَى المَرِيضِ أو
المُصَابِ بالعَيْنِ أو الَّذِي مَسَّهُ جِنِّيٌّ أو أَيّ مَرَضٍ فَإِنَّهُ يَشْفَى
بِإِذْنِ اللَّهِ إِذَا كَانَتْ هَذِهِ القِرَاءَةُ من قَلْبٍ مُؤْمِنٍ واثِقٍ
بِاللَّهِ تعالى، فَإِذَا اجْتَمَعَتِ الثِّقَةُ مِنَ القَارِئِ والمَقْرُوءِ
عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ الشِّفَاءَ لِلمَرِيضِ.
وهُوَ
أَيْضًا شِفَاءٌ مِنَ الأَمْرَاضِ المَعْنَوِيَّةِ: من أَمْرَاضِ الشُّكُوكِ،
وأَمْرَاضِ الشُّبُهَاتِ، وأَمْرَاضِ الكُفْرِ والنِّفَاقِ؛ وهَذِهِ الأَمْرَاضُ
أَخْطَرُ مِنَ