ج 9: يَجِبُ عَلَى الدَّاعِيَةِ أَوَّلاً أَن
يَتَأَهَّلَ قَبْلَ أَنْ يُبَاشِرَ الدَّعْوَةَ بِأَنْ يَدْرُسَ القُرْآنَ
الكَرِيمَ ومَعَانِيهِ وتَفْسِيرَهُ، ويَدْرُسَ السُّنَّةَ النَّبَوِيَّةَ مَا
تَيَسَّرَ مِنْهَا، ويَقْرَأَ في شُرُوحِهَا ويَتَعَلَّمَ الأَحْكَامَ
الشَّرْعِيَّةَ، فَيَجِبُ عَلَى الدَّاعِيَةِ إِلَى اللَّهِ أَنْ يَكُونَ
مُؤَهَّلاً، فلا يَصْلُحُ لِلدَّعْوَةِ إلاَّ من كَانَ مَعَهُ عِلْمٌ، قَالَ
تَعَالَى: ﴿قُلۡ
هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ﴾ [يوسف: 108] البَصِيرَةُ هِيَ العِلْمُ والحِكْمَةُ،
قَالَ تَعَالَى: ﴿ٱدۡعُ
إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ﴾ [النحل: 125].
فالجَاهِلُ
لا يَصْلُحُ لِلدَّعْوَةِ؛ لأَِنَّهُ رُبَّمَا يُسِيءُ لِلدَّعْوَةِ كَأَنْ
يُحَلِّلَ حَرَامًا أو يُحَرِّمَ حَلاَلاً أو يُشَدِّدَ في مَوْضِعٍ لا
يَتَحَمَّلُ التَّشَدُّدَ أو غَيْر ذَلِكَ فلا بُدَّ من شُرُوطٍ لِلدَّاعِيَةِ،
الشَّرْطُ الأَسَاسِيُّ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّمًا العِلْمَ الَّذِي
يَسْتَطِيعُ بِهِ أَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ إِلَى دِينِ اللَّهِ عز وجل.
وأَيْضًا
رُبَّمَا يُعْرَضُ عَلَى الدَّاعِيَةِ شُبُهَاتٌ تَحْتَاجُ إِلَى جَوَابٍ عَنْهَا
فَإِذَا كَانَ جَاهِلاً فَكَيْفَ يُجِيبُ عَلَى هَذِهِ الشُّبُهَاتِ.
كَيْفَ
يُجِيبُ عَلَى اعْتِرَاضَاتِ المُعْتَرِضِينَ، أو كَيْفَ يُقَاوِمُ المَلاَحِدَةَ
والفُسَّاقَ والمُشَبِّهِينَ، فَإِذَا لَم يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ فَسَوْفَ
يَنْهَزِمُ أَمَامَهُم، فلا بُدَّ لِلدَّاعِيَةِ مِنَ العِلْمِ بالقُرْآنِ
وبِالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ وبِالْحَدِيثِ وبِالْفِقْهِ والعَقِيدَةِ وغَيْرِهَا
من العُلُومِ.
***
الصفحة 8 / 357