×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثاني

وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلۡتَكُن مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [آل عمران: 104].

مَعْنَى المَعْرُوفِ والمُنْكرِ والمُرَادُ بالمَعْرُوفِ جَمِيعُ الطَّاعَاتِ، وسُمِّيَتْ مَعْرُوفًا لأَِنَّهَا تَعْرِفُهَا العُقُولُ السَّلِيمَةُ والفِطَرُ المُسْتَقِيمَةُ، أَوَّلُ المَعْرُوفِ وأَعْظَمُهُ عِبَادَةُ اللَّهِ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وإِخْلاَصُ العِبَادَةِ لِلَّهِ عز وجل وتَرْكُ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ، وهَذَا أَعْظَمُ المَعْرُوفِ، وبَعْدَ ذَلِكَ سَائِرُ الطَّاعَاتِ من واجِبَاتٍ ومُسْتَحَبَّاتٍ كُلُّهَا تَدْخُلُ في نِطَاقِ المَعْرُوفِ، فَكُلُّ مَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ ورَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ مَعْرُوفٌ.

والمُنْكَرُ: كُلُّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ورَسُولُهُ، فَجَمِيعُ المَعَاصِي مُنْكَرٌ؛ لأَِنَّهَا تُنْكِرُهَا العُقُولُ السَّلِيمَةُ والفِطَرُ المُسْتَقِيمَةُ، وتُنْكِرُهَا الشَّرَائِعُ السَّمَاوِيَّةُ، كَمَا أَنَّ المَعْرُوفَ تُقِرُّهُ الشَّرَائِعُ السَّمَاوِيَّةُ، فَكَذَلِكَ المُنْكَرُ تُنْكِرُهُ جَمِيعُ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ وتَنْكِرُهُ أَيْضًا العُقُولُ السَّلِيمَةُ.

أَعْظَمُ المُنْكَرِ: وأَعْظَمُ المُنْكَرِ الشِّرْكُ بِاللَّهِ عز وجل ولِهَذَا أَوَّلُ مَا تَأْمُرُ الرُّسُلُ عَلَيْهِم الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ بِأَعْظَمِ الطَّاعَاتِ وهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ، وأَوَّلُ مَا تَنْهَى عَنْهُ الشِّرْكُ وهُوَ أَعْظَمُ المُنْكَرَاتِ وهُوَ عِبَادَةُ غَيْرِ اللَّهِ عز وجل أو صَرْفُ شَيْءٍ من أَنْوَاعِ العِبَادَةِ لِغَيْرِ اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36].

وكَمَا قَالَ تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ [الأنبياء: 25].

وكَذَلِكَ يَدْخُلُ في المُنْكَرِ كُلُّ المَعَاصِي كَبَائِرُهَا وصَغَائِرُهَا.

فَائِدَةُ قِيَامِ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ: لا صَلاَحَ لِلبَشَرِيَّةِ إلاَّ بِقِيَامِ الأَمْرِ بالمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ؛ لأَِنَّ طَبِيعَةَ الاجْتِمَاعِ 


الشرح