الجُلُوسُ مَعَ قَوْمِ عُصَاةٍ مَعَ
مُنَاصَحَتِهِم
وتَذْكِيرِهِم بِاللَّهِ ولَكِنْ لا يَسْمَعُونَ الكَلاَمَ
****
س
18: سَائِلٌ يَقُولُ: إِنَّهُ جَلَسَ مَعَ قَوْمٍ عُصَاةٍ
ويَنْصَحُهُم ويذكرهم بِاللَّهِ ولَكِنْ لا يَسْمَعُونَ الكَلاَمَ، وأَنَّهُ مَعَ
العِلْمِ يَجْلِسُ مَعَهُم في بَيْتٍ واحِدٍ فَهَلْ عَلَيْهِ إِثْمٌ لأَِنَّهُ
يَأْكُلُ ويَشْرَبُ مَعَهُم؟
ج
18: مُخَالَطَةُ العُصَاةِ وأَهْلُ الفِسْقِ لا تَجُوزُ
إلاَّ إِذَا كَانَ الإِنْسَانُ يَطْمَعُ في هِدَايَتِهِم ويَقُومُ
بِمُنَاصَحَتِهِم، فَإِذَا كَانَ يُخَالِطُهُم عَلَى أَسَاسِ أَنَّهُ يَنْصَحُهُم
ويَدْعُوهُم ويَطْمَعُ في هِدَايَتِهِم فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى
اللَّهِ عز وجل وهُوَ يُعَالِجُ إِخْوَانَهُ، أَمَّا إِذَا كَانَ إِنَّمَا
يَجْلِسُ مَعَهُم لأَِجْلِ الاسْتِئْنَاسِ بِهِم والفَرَحِ مَعَهُم ولا يُنْكِرُ
عَلَيْهِم أو كَانَ يُنْكِرُ عَلَيْهِم لَكِنْ لا يَطْمَعُ في اسْتِجَابَتِهِم
فَعَلَيْهِ إلاَّ يَجْلِسَ مَعَهُم، عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَزِلَهُم وأَنْ يَبْتَعِدَ
عَنْهُم وأَنْ يَهْجُرَهُم في اللَّهِ عز وجل حَتَّى يَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ عز
وجل لِئَلاَّ يُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُم، لأَِنَّ الإِنْسَانَ إِذَا جَلَسَ مَعَ
أَهْلِ الفِسْقِ وأَهْلِ المَعَاصِي من غَيْرِ إِنْكَارٍ أَصَابَهُ مَا
أَصَابَهُم، بَلْ رُبَّمَا يَدْخُلُ في اللَّعْنَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لُعِنَ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ مِنۢ بَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُۥدَ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۚ
ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ ٧٨كَانُواْ لَا يَتَنَاهَوۡنَ عَن مُّنكَرٖ
فَعَلُوهُۚ لَبِئۡسَ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ ٧٩﴾
[المائدة: 78- 79] وقَدْ بَيَّنَ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ بِأَنَّهُم كَانَ
أَحَدُهُم يَلْقَى أَخَاهُ عَلَى المَعْصِيَةِ فَيَنْهَاهُ في أَوَّلَ يَوْمٍ
ويَقُولُ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّ هَذَا لا يَحُلُّ لَكَ،
ثُمَّ يَرَاهُ في اليَوْمِ الثَّانِي، وهُوَ عَلَى مَعْصِيَةٍ فلا يَمْنَعُهُ
ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلُهُ وجَلِيسُهُ وشريبه، فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ ذَلِكَ
مِنْهُم ضَرَبَ قُلُوبِ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ ولَعنَهُم عَلَى لِسَانِ
أَنْبِيَائِهِم،